الآية رقم (256) - لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

بما أنّ كلّ هذه الصّفات لله وردت في آية الكرسيّ فقد جاءت بعدها أهمّ آية في العقيدة الإسلاميّة على الإطلاق، وهي قوله سبحانه وتعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، وهذه هي الآية الّتي نحتجّ بها على التّكفيريّين وعلى كلّ الحركات الإرهابيّة الّتي استخدمت العنف والسّلاح طريقاً للدّعوة؛ لأنّ طريق الدّعوة يحدّده ربّ الدّعوة، الله هو الّذي حدّد طريق الدّعوة إليه فقال جلّ وعلا: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النّحل: من الآية 125]، لماذا هذا هو طريق الدّعوة؟ لأنّ الاعتقاد لا يكون بالإكراه، فأيّ نظريّة أو أيّ عقيدة إذا كنت مؤمناً بصحّتها اعرضها على النّاس ولا تجبر النّاس عليها، فإذا أجبرت النّاس عليها معنى هذا أنّك تشكّ في صحّة هذه العقيدة؛ لذلك لا يمكن أن يوجد في الدّين إكراه أو إجبار،  (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) أنت حرّ في أن تؤمن أو لا تؤمن، قال سبحانه وتعالى: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) [الكهف: من الآية 18]، وقال سبحانه وتعالى في سورة (يونس): (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [يونس]، لو شاء الله سبحانه وتعالى لكان كلّ النّاس طائعين، يفعلون ما يؤمرون

لا إِكْراهَ: لا نافية للجنس إكراه اسمها مبني على الفتح

فِي الدِّينِ: متعلقان بمحذوف خبرها

قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ: قد حرف تحقيق وفعل مضارع وفاعل

مِنَ الْغَيِّ: متعلقان بمحذوف حال من الرشد أو بتبين

فَمَنْ: الفاء استئنافية من اسم شرط جازم مبتدأ

يَكْفُرْ: فعل الشرط مجزوم

بِالطَّاغُوتِ: متعلقان بيكفر

وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ: لفظ الجلالة مجرور بالباء والجار والمجرور متعلقان بيؤمن والجملة معطوفة على يكفر

فَقَدِ: الفاء رابطة لجواب الشرط قد حرف تحقيق

اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ: الجار والمجرور متعلقان بالفعل قبله

الْوُثْقى: صفة والجملة في محل جزم جواب الشرط

لَا انْفِصامَ لَها: لا النافية للجنس وانفصام اسمها ولها متعلقان بالخبر المحذوف والجملة في محل نصب حال

وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ: لفظ الجلالة مبتدأ وخبراه والجملة اعتراضية أو استئنافية.

لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ: لا جبر ولا إلجاء على الدخول في الدين

والدين هنا: المعتقد والملة بقرينة قوله: قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ أي ظهر بالآيات البينات الواضحات أنَّ الإيمان رشد، والكفر غي

والرشد والرشاد: الهدى وكل خير، وضده الغي أي الضلال في الاعتقاد أو الرأي.

أما الجهل فهو كالغي إلا أنه في الأفعال لا في الاعتقاد.

بِالطَّاغُوتِ: الشيطان أو الأصنام، مأخوذ من الطغيان: وهو مجاوزة الحد في الشيء.ويجوز تذكيره وتأنيثه وإفراده وجمعه، ويتحدد

المراد بحسب المعنى.

اسْتَمْسَكَ: تمسك

بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى: بالعقد المحكم.

والعروة: من الدلو والكوز ونحوهما: المقبض الذي يمسك به من يأخذهما.

والوثقى: مؤنث الأوثق: وهو الحبل الوثيق المحكم.

ويجوز أن يراد بالعروة الوثقى: الشجر الملتف لَا انْفِصامَ لَها لا انقطاع لها.