الآية رقم (25) - قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ

بيَّن الله سبحانه وتعالى بآياتٍ مقتضبةٍ رحلة الحياة لكلّ بني آدم، إذاً في الأرض: ﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ﴾

 وقال جلَّ جلاله: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ﴾

[طه]، هذه هي حقيقة رحلة الحياة ما بين الولادة وما بين الموت، لذلك نرى عندما يتحدّث المولى سبحانه وتعالى عن الموت يقول: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾

[تبارك]، إذاً الموت هو مخلوقٌ كما أنّ الحياة مخلوقةٌ، وقدّم الموت على الحياة ليبيّن للإنسان بأنّ المرحلة الأساسيّة هي الّتي ستأتي بعد الموت، والإنسان ما بين القوسين، ما بين الولادة والوفاة هو في رحلة هذه الحياة، ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ﴾: أي من تراب، ﴿وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ﴾: أي سُيدفن الإنسان فيها، لذلك إكرام الميت دفنه أي إعادته إلى أمّه الّتي هي الأرض، فعودة الإنسان إلى التّراب هو أوّل المطلوب، وعند وداع الميّت وفي لحظات وضعه تحت التّراب يوقن أيُّ مودِّعٍ أنّ مصيره كهذا، وإن تغافل عن الرّؤية، وأنّه لن يتفلّت من هذا المصير أبداً، وأنّ الكبير كما الصّغير، والصّحيح كما السّقيم، والقويّ كما الضّعيف، والأمير كما المأمور جميعهم لهم المصير ذاته، ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ﴾

 [الرّحمن]، هذا قانونٌ إلهيٌّ ما تخلّف عنه الأنبياء عليهم السَّلام ولا تخلّف عنه أحدٌ، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَالْإِكْرَامِ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾ [الزّمر].

﴿وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾: في يوم البعث سنخرج منها.

قالَ: الجملة مستأنفة

فِيها تَحْيَوْنَ: مضارع مرفوع بثبوت النون، تعلق به الجار والمجرور قبله والواو فاعله.

والجملة معطوفة.

وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ: معطوفة.

قال فيها: أي الأرض

تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون: بالبعث