﴿يَا بَنِي آدَمَ﴾: الخطاب تحوّل لأولاد آدم، وكأنّ الله سبحانه وتعالى يريد أن يقول في كلّ خطابٍ لبني آدم: تذكّروا ماضي أبيكم الأصليّ، ماضيه بين طاعةٍ ومعصيةٍ وتوبةٍ.
﴿قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ﴾: هل أنزل علينا اللّباس؟ الأصل أنّه أنزل المطر فأخرج النّبات، ومن النّبات تمّ نسج الملابس ليغطّي الإنسان السّوءة، ولقد كان يتحدّث عن آدم وحوّاء عندما أكلا من الشّجرة، أي عندما قاما بالمعصية فبدت لهما سوءاتهما، وهنا يقول سبحانه وتعالى: بأنّ الله سبحانه وتعالى أنزل لبني آدم، وعندما يقول: (بني آدم)، أي لكلّ البشر.
﴿وَرِيشًا﴾: الرّيش كساء الطّير، وكانوا يضعونه على التّيجان، فهو دليلٌ على التّرف، وهو للمترفين زيادةٌ عمّا يغطّي السّوءة بالنّسبة لكم.
﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ﴾: ما هذه المقارنة بين اللّباس المادّيّ لباس الجسد، وبين لباس القيم؟ فلباس التّقوى أي لباس القيم، هو ما يستر الخلل في الإنسان من ناحية القيم، السّوءة المتعلّقة بالإنسان ليست فقط السّوءة الجسديّة، فإن كان كذّاباً أو مرتشياً أو سارقاً أو زانياً أو آثماً أو عاصياً فهو يحتاج لباساً ليغطّي سوءة القيم، واللّباس الّذي أنزله سبحانه وتعالى لذلك هو التّقوى، وهذا خيرٌ وأفضل من اللّباس العادي الّذي يغطّي الجسد؛ لأنّه يعطي الإنسان القيم الحقيقيّة الّتي أرادها الله سبحانه وتعالى، والمنهج الإلهيّ هو منهج قيمٍ، لذلك قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنّما بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق»([1])، والقرآن الكريم دائماً يطالب بالدّفع بالّتي هي أحسن، يقول سبحانه وتعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ * وقل رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾ [المؤمنون]، لماذا؟ لأنّ الشّيطان هو العدوّ الّذي يوسوس.