لماذا قال الله سبحانه وتعالى هنا كلمة: ﴿بِأَيْدِيهِمْ﴾، وهل تكون الكتابة إلّا بالأيدي؟!! المقصود أنّ علماء بني إسرائيل وأحبارهم يكتبون بأيديهم بالذّات، ولا يكلّفون أحداً بذلك لحرصهم على تحريف التّوراة، وهذا القول هو من عند الله سبحانه وتعالى ولا يمكن إلّا أن يكون وصفاً لما يجري تماماً.
﴿فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ﴾: الويل: حلول الشّرّ، وهي كلمة للدّعاء بالهلاك والعذاب، فلهم ويلان وعذابان؛ لأنّهم افتروا الكذب على الله سبحانه وتعالى، وعلّموا النّاس الافتراء.
وهناك مسؤوليّة خطيرة وعذاب مضاعف وعقوبة شديدة للّذين يحملون العلوم الدّينيّة إلى النّاس ويحرّفون معاني هذه العلوم وفق أهوائهم. كما يفعل من يجعلون الإسلام إرهاباً وقتلاً ويجتزؤون من الآيات ويؤوّلونها بما يوافق أهواءهم وأغراضهم الشّخصيّة، ويخرجون الآيات عن سياقها في مثل قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً﴾ ]التّوبة: من الآية 36[.
فهؤلاء ويل لهم؛ لأنّهم اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً والثّمن لا يشترى، الثّمن يباع لكنّ الله استخدم هذا التّعبير لينكّل بهم، ولو دفعت المليارات من مال الأرض مقابل تحريف كلام الله سبحانه وتعالى فهي ثمن قليل، فويل لهم ممّا يكسبون، فالكسب الّذي يعتقدون أنّه كسب سيكون وبالاً عليهم.