سمَّى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هذه الآية الجامعة الفاذّة، حين سُئل عن زكاة الحمر فقال: «ما أنزل الله عليّ فيها إلّا هذه الآية الفاذّة الجامعة: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ _ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾»([1]).
﴿مِثْقَالَ﴾: أي ثقل وزن، الثّقل: هو مقدار جاذبيّة الأرض للشّيء، فعندما يكون وزن الشّيء قليلاً وتلقيه من أعلى ينزل ببطءٍ، أمّا الشّيء الثّقيل فينزل بسرعةٍ؛ لأنّ قوّة الجاذبيّة له تكون أقوى. والإنسان منّا حين ينظر إلى كلمة ﴿مِثْقَالَ﴾ يُعبَّر عنها أنّها وزنٌ، فمعيار الميزان هنا الذّرّة.
﴿ذَرَّةٍ﴾: ما الذّرّة؟ قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: “إذا وضعت يدك على الأرض ورفعتها، فكلّ واحدٍ ممّا لزق به من التّراب ذرّة”، وهو ما يُسمّى الهَبَاء، فالذّرّة واحدةٌ من الغبار، وواحدةٌ من الهباء، والحقّ سبحانه وتعالى لا يظلم مثقال ذرّةٍ، هذا تمثيلٌ فقط، يمكن أن تكبُر ويمكن أن تصغُر، وليس معنى هذا أنّ الذّرّة هي الأقلّ وزناً في الأرض، فالعلماء بأبحاثهم فتّتوا الذّرّة المعروفة في تركيب المادّة إلى إلكترونات موجبةٍ وسالبةٍ، وهذا لا يُصادم القرآن الكريم، فالله سبحانه وتعالى قال: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ ۖ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ ۖ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [سبأ: من الآية 3]، إذاً هناك أصغر من الذّرّة.