الآية رقم (195) - فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ

﴿لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ: قال: عمل عامل لا قول قائل، فالقضيّة تحتاج إلى أعمال، فعندما استجاب هذا الدّعاء الصّادق من المؤمنين الّذين ارتقوا بأرواحهم وبأنفسهم وطلبوا المغفرة من الله وتكفير السّيّئات، استجاب لهم ربّهم: ﴿أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ: فكان الجواب على ما تقدّم عمل وليس قول، فلا بدّ من برهان عندما تتقدّم للدّعاء، لا بدّ أن تقدّم العمل، والإسلام لا يقبل من الإنسان الكلام من دون مصداق وترجمان، والتّرجمان كما قال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «الإيمان ما وقر في القلب وصدّقه العمل»([1])، فيجب عدم الفصل بين الشّعائر والمقاصد، فإذا لم تؤدّ الشّعائر إلى المقاصد فإنّها لم تزدك من الله إلّا بعداً كما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلّا بعداً»([2])، «ربّ صائم ليس له من صيامه إلّا الجوع، وربّ قائم ليس له من قيامه إلّا السّهر»([3])، لذلك قال المولى سبحانه وتعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم القضيّة قضيّة عمل، والعمل هو: قول وفعل.

فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ: الفاء للاستئناف والفعل الماضي تعلق به الجار والمجرور وربهم فاعله والجملة استئنافية

أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ: أن واسمها وجملة لا أضيع خبرها ومنكم متعلقان بمحذوف صفة عامل وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان باستجاب

مِنْ ذَكَرٍ: متعلقان بمحذوف صفة عامل أو بدل

أَوْ أُنْثى: عطف

بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ: مبتدأ والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبره والجملة معترضة أو مستأنفة

فَالَّذِينَ هاجَرُوا: الفاء استئنافية الذين اسم موصول مبتدأ وجملة هاجروا صلته

وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ: فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعله والجار والمجرور متعلقان بالفعل والجملة معطوفة ومثلها جملة «وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي» «وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا»: معطوفة

لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ: اللام واقعة في جواب القسم أكفرن فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة وفاعله مستتر وتعلق بالفعل الجار والمجرور وسيئاتهم مفعوله المنصوب بالكسرة والجملة جواب القسم لا محل لها والقسم وجوابه خبر المبتدأ الذين

وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ: عطف على لأكفرن.

جَنَّاتٍ: اسم منصوب بنزع الخافض وجملة «تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ» صفة

ثَواباً: مفعول مطلق أو حال أو تمييز

مِنْ عِنْدِ اللَّهِ: متعلقان بمحذوف صفة لثوابا ولفظ الجلالة مضاف إليه

وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ: الله لفظ الجلالة مبتدأ عنده ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر المبتدأ حسن والجملة الاسمية خبر الله.

فَاسْتَجابَ: أجاب دعاءهم

لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ: أي لا أترك ثوابه.

بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ: أي بعضكم كائن من بعض أي الذكور من الإناث وبالعكس، والجملة مؤكدة لما قبلها، أي سواء في المجازاة

بالأعمال وترك تضييعها.

فَالَّذِينَ هاجَرُوا: أي في مبدأ الإسلام من مكة إلى المدينة.

فِي سَبِيلِي: أي بسبب ديني وطاعتي وعبادتي.

لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ: أسترها بالمغفرة.

ثَواباً: مصدر مؤكد من معنى لأكفرن.

مِنْ عِنْدِ اللَّهِ: فيه التفات عن التكلم.

حُسْنُ الثَّوابِ: الجزاء.