الآية رقم (2) - ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ

ذا: اسم إشارة يُشير إلى القرآن، واللّام للعلوّ، يدلّ على قربه وعلّوه، فهو قريب منك عالي المصدر، والكاف: لمخاطبة النّاس، كلّ النّاس.

﴿الْكِتَابُ﴾: ولم يقل: القرآن؛ لأنّ القرآن يُحفظ في الصّدور ويُكتب في السّطور، فهو كتاب بعد أن كُتب، وكان النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم عندما يتعجّل بترديد الآيات بعد جبريل يقول له ربّه: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ [القيامة]، فكان القرآن يدخل إلى قلبه فيحفظه، ثمّ كان يأمر بكتابته في السّطور، ثمّ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ﴾، ولا يوجد إنسان على وجه الأرض يجرؤ أن يكتب وأن يقول: لا ريب فيما كتبت؛ لأنّه إنسان، والإنسان أغيار، يعني قد يكون اليوم في حال وغداً في حال آخر، ويكون اليوم شابّاً ثمّ كهلاً، ويكون اليوم حيّاً ثمّ ميّتاً، فالإنسان أغيار، فلا يقل: كتابي لا ريب فيه، أمّا الّذي لا يتعرّض للأغيار فإنّه يقول سبحانه وتعالى: ﴿لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ﴾، يعني مهما كانت هناك متغيّرات فلا شكّ فيه، ولا شكّ في كلماته، ويصحّ الوقوف عند: ﴿لَا رَيْبَ ۛ﴾لنبدأ بعدها بقولنا: ﴿فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾، ويصحّ أن نكمل بقولنا: ﴿لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ﴾ فيكون للآية معنيان.

ذلِكَ: ذا: اسم إشارة مبني في موضع رفع، وهو إما مبتدأ والْكِتابُ خبره، وإما خبر مبتدأ مقدر، وتقديره: هو ذلك الكتاب.

الْكِتابُ: بدل من ذلك أو عطف بيان.

لا: نافية للجنس.

ريْبَ: اسمها المنصوب.

فِيهِ: متعلق بمحذوف خبر تقديره: كائن.

هُدىً: إما مرفوع على أنه خبر مبتدأ مقدر، وتقديره: هو هدى، أو منصوب على أنه حال من «ذا» أو من الْكِتابُ أو من الضمير في فِيهِ.

ذلِكَ الْكِتابُ: الإشارة بالبعيد عن القريب للتنبيه على علو شأنه.

الْكِتابُ القرآن العظيم. ذلِكَ الْكِتابُ

قال عامة المفسرين: تأويل قول الله تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ: هذا الكتاب لا رَيْبَ فِيهِ لا شك في أنه من عند الله هُدىً هداية ورشاد

لِلْمُتَّقِينَ الذين وقوا أنفسهم مما يضرها، فالتزموا الأوامر الإلهية وتجنبوا النواهي والمحظورات.