الآية رقم (27) - الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ

من صفات الفاسق: أنّه ينقض عهد الله من بعد ميثاقه، ومن ينقض عهد الله ينقض عهود البشر ولا يُبالي.

وعهد الله: هو فطرة الإيمان والالتزام بالإسلام، وفطرة الإيمان موجودة في الإنسان منذ العهد الأوّل في عالم الذّرّ، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا[الأعراف: من الآية 172]، وهذا العهد أَخْذٌ بالفطرة، وفطرة الإنسان إيمانيّة، ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ[الرّوم: من الآية 30]، والفاسق ينقض هذا العهد، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل من صلة الرّحم، وهي قضيّة هامّة جدّاً، تتعلّق بالتّكافل الاجتماعيّ وبناء المجتمعات. وكلّ الأوامر والتّكاليف الّتي وردت في كتاب الله سبحانه وتعالى هي توجيه من خالق البشر لمصلحة البشر في حياتهم الدّنيا ومعادهم. وأوّل صلة الأرحام هي حسن العلاقة مع الوالدين والبرّ بهما، قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا[الإسراء: من الآية 23]، فصلة الأرحام تشكّل الحاضن

الَّذِينَ: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة للفاسقين.

يَنْقُضُونَ: فعل مضاعر والواو فاعل.

عَهْدَ: مفعول به. والجملة صلة الموصول.

اللَّهِ: لفظ الجلالة مضاف إليه.

مِنْ بَعْدِ: متعلقان بينقضون.

مِيثاقِهِ: مضاف إليه، والهاء في محل جر بالإضافة.

وَيَقْطَعُونَ: الواو عاطفة، يقطعون فعل مضارع وفاعل.

ما أَمَرَ: ما اسم موصول في محل نصب مفعول به. أمر فعل ماض.

اللَّهِ: لفظ الجلالة فاعل.

بِهِ: متعلقان بأمر.

النقض:الفسخ وفكّ التركيب لحبل وغزل ونحوهما.

الميثاق: ما يوثق به الشيء، ويكون محكما يعسر نقضه.

ميثاق العهد: توكيده، والمراد: العهد المؤكد باليمين.

عهد الله: ما أخذه على عباده من فهم السنن الكونية بالنظر والاعتبار، وهو ما أوصاهم به في الكتب السابقة من الإيمان بمحمد

إذا ظهر.

طريق الإيمان: استخدام نعمة العقل والحواس المرشدة إلى الفهم.

نقض الميثاق: عدم استعمال تلك المواهب فيما خلقت له، حتى كأنهم فقدوها أو عطلوها، فالمراد بقوله: مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ توكيده

عليهم. والمأمور بوصله: هو الإيمان بالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلم والرحم وغير ذلك.

الإفساد في الأرض: بالمعاصي والتعويق عن الإيمان.