العهود الّتي أخذت على بني إسرائيل كثيرة جدّاً.. منذ أن أنزل الله عليهم المنّ والسّلوى، وعفا عنهم عندما عبدوا العجل، وعندما جاوز بهم البحر ونجّاهم من آل فرعون.. وعندما نزلت التّوراة كانت الميثاق والعهد الّذي أخذه الله عليهم، وفيها تبشير بالنّبيّ محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم وذكر لأوصافه.
﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم﴾: لم يقل: نبذوه؛ لأنّه لا يعمّم الحكم على جميع اليهود، فهناك من آمن منهم والتزم بميثاق الله، مثل كعب الأحبار وعبد الله بن سلام.. وغيرهم، وهذا مصداق لقول الله سبحانه وتعالى. من صفات اليهود أنّهم كلّما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم، وكأنّ نقض العهود من طبعهم وجبلّتهم، فكلّ الاتّفاقيّات الّتي يوقّعها اليهود الصّهاينة في عصرنا هذا يوافق عليها فريق منهم وينكرها فريق آخر، وكأنّهم يتّفقون فيما بينهم على ذلك، وكأنّ هذه الصّفة ورثوها عن آبائهم وأجدادهم.