﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى﴾ : جاء هنا إبراهيم عليه السلام في سياق قصّة لوط، كما جاء لوط في سياق قصّة إبراهيم؛ لأنّهما بُعثا في زمان واحد، ولوط هو ابن أخيه، ومعنى: ﴿رُسُلُنَا﴾ ؛ أي: من الملائكة؛ لأنّ الله تعالى قال: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ﴾ [الحجّ: من الآية 75]، وقد جاءت الملائكة لإبراهيم عليه السلام بالبشرى، ولم يذكر مضمون البُشْرى هنا، وهي البشارة بإسحاق ويعقوب وذرّيّة صالحة منهما، وجاءته بإنذار بأنّ الله تعالى سيُهلك أهل هذه القرية، وبالبشرى والإنذار يحدث التّوازن؛ لأنّنا نُبشِّر إبراهيم بذرّيّة صالحة مُصْلحة في الكون، ونهلك أهل القرية الّذين انحرفوا عن منهج الله تعالى، ونلحظ في الآية أنّها لم تذكر العلّة في البُشْرى، فلم تقل مثلاً: لأنّه كان مؤمناً ومجاهداً وعادلاً، إنّما ذكرت العلّة في إهلاك أهل القرية:
﴿إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ﴾ : لماذا؟ لأنّ المتفضّل لا يمنُّ بفضله على أنّه عمل بمقابل، لكنّ المعذِّب يبيّن سبب العذاب، فماذا كان الانفعال الأوّليّ عند إبراهيم عليه السلام ساعةَ سمع البُشْرى والإنذار؟ لم يسأل عن البشرى، مع أنّه كان متلهّفاً عليها، إنّما شغلته مسألة إهلاك القرية، وفيها ابن أخيه لوط عليه السلام، لذلك قال: