الآية رقم (146) - سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ

قد يقول قائلٌ: ما دام الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾، فما ذنبهم؟ الجواب: ذنبهم أنّهم تكبّروا بغير الحقّ، فمن الّذي يُصرف عن آيات الله سبحانه وتعالى ولا يهديه سبحانه وتعالى هداية المعونة؟ الجواب: هو المتكبّر في الأرض، وأوّل متكبّرٍ كان إبليس -لعنه الله- إذاً هذا السّبيل هو سبيل إبليس؛ لأنّه تكبّر عن السّجود لآدم عندما أمره الله سبحانه وتعالى، وقال: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾  ]الأعراف: من الآية 12[، هذا أوّل عنوانٍ للتّكبّر.

﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾: الآية: المعجزة الدّالّة، إذاً سيصرف قلب المتكبّر الّذي تكبّر على الله سبحانه وتعالى فيرى الآية والمعجزة فينصرف عنها ولا يؤمن بها.

﴿وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا﴾: كلّما رأوا معجزةً أو آيةً دالّةً أو آيةً من القرآن الكريم فإنّهم لا يؤمنون بها.

﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا﴾: لماذا؟ لأنّ الصّراط المستقيم هو سبيل الرّشد، وهو السّبيل السّليم والصّحيح والعاقل والرّشيد الّذي يؤدّي إلى الاستقامة، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [فصّلت]، طريق الإيمان: هو سبيل الرّشد؛ أي طريق الرّشد وعنوانه الاستقامة في الأقوال والأفعال.

﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا﴾: عندما صرف الله سبحانه وتعالى عن آياته هؤلاء المتكبّرين فإنّهم تركوا سبيل الرّشد واتّجهوا باتّجاه سبيل الغيّ والضّلال والبهتان والزّور.

سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ: فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور،

الَّذِينَ: اسم الموصول مفعوله والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا والجملة مستأنفة.

يَتَكَبَّرُونَ: فعل مضارع وفاعل.

فِي الْأَرْضِ: متعلقان بيتكبرون والجملة صلة.

بِغَيْرِ: متعلقان بمحذوف حال.

الْحَقِّ: مضاف إليه

وَإِنْ: شرطية

يَرَوْا: فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون لأنه فعل الشرط والواو فاعل

و كُلَّ: مفعول به.

آيَةٍ: مضاف إليه

لا يُؤْمِنُوا: مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط، ولا نافية لا عمل لها.

بِها: متعلقان بالفعل قبلهما والجملة لا محل لها جواب شرط لم تقترن بالفاء أو إذا الفجائية.

وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا: صدر الآية سبق إعرابها

لا يتخذوه سبيلا: فعل مضارع وفاعله ومفعولاه، والجملة لا محل لها كسابقتها.

ذلِكَ: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. واللام للبعد والكاف حرف خطاب.

بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا: أن وما بعدها في تأويل مصدر في محل جر بالباء، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ.

وَكانُوا: كان واسمها.

عَنْها: متعلقان بالخبر (غافِلِينَ) والجملة معطوفة على جملة الخبر كذبوا.

سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ: بالطبع على قلوب المتكبرين وخذلانهم، ومنعهم فهم الحجج والأدلة الدالة على عظمتي وشريعتي وأحكامي، فلا يفكرون فيها، ويتكبرون عن طاعتي.

وآياتي: دلائل قدرتي من المصنوعات وغيرها

يَتَكَبَّرُونَ: أي يتكبرون عن طاعتي، ويتكبرون على الناس بغير حق.

والتكبر: غمط الحق بعدم الخضوع له، مع احتقار الناس غالباً.

وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ: طريق

الرُّشْدِ: الهدى الذي جاء من عند الله، والصلاح والاستقامة، وضده الغي والسفه، والرّشد والرّشد في اللغة: أن يظفر الإنسان بما يريد، وهو ضد الخيبة.

الغَيِّ: الضلال

ذلِكَ: الصرف