الآية رقم (21) - وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ

﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾: أوّل ما أمر الله سبحانه وتعالى به أن يوصل هو صِلة الرّحم، يقول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسيّ: «أنا اللَّهُ، وأنا الرَّحْمَنُ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا مِن اسْمِي، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ»([1])، لذلك صِلة الرّحم  لمصلحة النّاس وخيرهم، فصِلة الرّحم دوائر دائماً لكلّ إنسانٍ، وإذا كانت هناك صِلةٌ بين هذه الأرحام فكلّ دائرةٍ لها دائرةٌ أوسع، حتّى تصل إلى المجتمع برمّته، ومن الخيريّة دائماً أن يصِل الإنسان رحمه، وقبل كلّ شيءٍ برّ الوالدين، فقد قرن الله سبحانه وتعالى برّ الوالدين بتوحيده، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾ ]الإسراء: من الآية 23[، وقال جل جلاله: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ ]النّساء: من الآية 36[، البرّ بالوالدين والإخوة والأخوات والعموم والأخوال وأبناء العمّ وأبناء الخال… وهكذا تتّصل الدّوائر حتّى تصل إلى الدّائرة الكاملة، هذا المعنى العظيم لصلة الأرحام، وهذه لا توجد في المجتمعات المتقطّعة الأوصال، المجتمعات الغربيّة الّتي تخلّت عن الأسس الأخلاقيّة، فأوّل الأخلاق هو صِلة الأرحام ببرّ الوالدين والعلاقة مع الإخوة والأسرة والعائلة والجار، قال ,: «مازال جبريل يوصيني بالجار حتّى ظننت أنّه سيورّثه»([2])، وقال ,: «ما آمن بي من بات شبعانَ وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به»([3])، هذه خيريّة عظيمة.

﴿وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾: الإنسان ما بين الرّغبة والرّهبة، لا بدّ أن يخشى من سوء عمله، لا بدّ أن تكون هذه الخشية من صفات الجلال، فهل يظنّ الإنسان أن يُترَك سدى؟ لا يمكن، قال سبحانه وتعالى: ﴿ أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾]القيامة[.

﴿وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾: لا بدّ من أن ينظر الإنسان إلى ميزان الحساب والعقاب والثّواب والجزاء، ولا يمكن أن تعيش المجتمعات من غير ضوابط، فلا بدّ من أن يكون هناك حسابٌ للمسيء، يقول الإمام عليّ كرّم الله وجهه: “لا يكونّن المحسن والمسيء عندك سواء، فيطمع المسيء في إساءته، ويزهد الـمُحسن في إحسانه”.

([1]) سنن التّرمذيّ: أبواب البرّ والصّلة، باب ما جاء في قطيعة الرّحم، الحديث رقم (1907).

([2]) صحيح البخاريّ: كتاب الأدب، باب الوصاءة بالجار، الحديث رقم (5669).

([3]) المعجم الكبير للطّبرانيّ: باب الألف، أنس بن مالك الأنصاريّ، الحديث رقم (751).

«وَالَّذِينَ» اسم موصول معطوف على الذين السابقة

«يَصِلُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة صلة الموصول

«ما» اسم موصول في محل نصب مفعول به

«أَمَرَ اللَّهُ» ماض ولفظ الجلالة فاعله والجملة صلة الموصول لا محل لها

«بِهِ» متعلقان بأمر

«أَنْ» حرف ناصب

«يُوصَلَ» مضارع مبني للمجهول منصوب بأن ونائب الفاعل محذوف وأن وما بعدها في تأويل المصدر في محل جر بدل من الهاء في به أي بوصله.

«وَيَخْشَوْنَ» الواو عاطفة ومضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة معطوفة على يصلون

«رَبَّهُمْ» مفعول به والهاء مضاف إليه

«وَيَخافُونَ» الواو عاطفة ومضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة معطوفة

«سُوءَ» مفعول به

«الْحِسابِ» مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة في آخره.