الآية رقم (1) - إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ

﴿إِذَا﴾: أداة شرطٍ.

والشّرط هو مقدّمةٌ لإيجاد الجواب، فإن وُجِدَ الشّرط وُجِدَ الجواب.

﴿كُوِّرَتْ﴾: أي لُفّت وطويت ومُسحت ورُميت في الفضاء.

والشّمس حين تُكوّر يكون هذا التّكوير إيذاناً بانتهاء مهمّتها وزوالها بالكليّة؛ لأنّ الوجود الّذي يستقبله الكون بعدها وجودٌ جديدٌ لا يحتاج إلى ضوئها ولا إلى حرارتها، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [إبراهيم]، وقال تبارك وتعالى: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا﴾ [الزّمر: من الآية 69].

الآية رقم (2) - وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ

﴿انْكَدَرَتْ﴾: تناثرت وتساقطت، والانكدار في اللّغة العربيّة هو الانصباب.

صورةٌ من التّغيير يوم القيامة يبيّنها المولى سبحانه وتعالى في هذه الآيات، الكون لو استمرّ في ثباته واستقراره لظلّت الحياة كما هي رتيبة مألوفة لا فرق فيها بين منهج الاستقامة والمنهج المعْوَجّ.

الآية رقم (3) - وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ

أي تحرّكت وزالت من مكانها، كما يقول المولى سبحانه وتعالى في آياتٍ أخرى: ﴿وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا﴾ [النّبأ].

الآية رقم (4) - وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ

﴿الْعِشَارُ﴾: هي النّوق الحوامل، مفردها العشراء، وهي الّتي بلغت في حملها عشرة أشهرٍ وقاربت على الولادة.

وكانت النّوق خاصّة العشار منها أمتع الأموال وأهمّها عند البدو، فمنها يكون الولد واللّبن وغيره من المنافع، وقيل في بعض التّفاسير: العشار: هي السّحاب الممطر الّذي يُنبِتُ الزّرع وتزدهر به الأرض.

الآية رقم (5) - وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ

﴿الْوُحُوشُ﴾: هي الحيوانات المتوّحشة وغير المستأنسة من ذاتها؛ لأنّ التّوّحش طبعٌ فيها جُبلت عليه.

﴿حُشِرَتْ﴾: أي جُمعت.

والوحوش مجموعةٌ نافرةٌ، تنفر عنّا وتنفر عن بعضها، فإذاً جُمعت هذه الوحوش كلّها؛ لأنّ الموقفَ هنا موقفُ ذلّةٍ وانكسارٍ وخضوعٍ، لا موقف توحّشٍ وافتراسٍ يأكل فيه القويُّ الضّعيفَ.

الآية رقم (6) - وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ

﴿سُجِّرَتْ﴾: أي صارت ناراً تضطرب، كقولنا مثلاً: سجّرت الفرن؛ أي أشعلت النّار فيه.

﴿سُجِّرَتْ﴾: أيضاً بمعنى: امتلأت.

﴿سُجِّرَتْ﴾: بمعنى هاجت واضطّربت.

فهناك انقلابٌ هائلٌ في الكون، ومياه البحار المكوّنة من الأوكسجين والهيدروجين ستتحوّل إلى نارٍ مشتعلةٍ.

الآية رقم (7) - وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ

﴿النُّفُوسُ﴾: النّفسُ تُطلَق على امتزاجِ عنصر الرّوحِ بعنصرِ المادّة، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا﴾ [الزّمر: من الآية 42]، ومعنى يتوفّاها؛ أي يفصل الرّوحَ عن الجسدِ، ثمّ تعودُ الأرواحُ إلى أجسادها مرّةً أخرى يوم القيامة.

﴿زُوِّجَتْ﴾: أي جُمِعَ كلُّ نوعٍ إلى مثله.

الآية رقم (8-9) - وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ - بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ

﴿الْمَوْءُودَةُ﴾: وهي الطّفلة المدفونة حيّةً، سمّيت بذلك لما يُطرَح عليها من التّراب فيئدها، أي يثقلها حتّى تموت، وكانت العرب تدفن البنات أحياء مخافة العار والحاجة.

وقد جاء التّعبير هنا ليُفظِّع هذه الجريمة؛ لأنّها اعتداءٌ على بِضعٍ منك، على ابنتك، على الأنثى، إنّها جريمةٌ بمنطق العقل والشّرع، فعبّر الحقّ سبحانه وتعالى عن هذه المسألة بأسلوبٍ فيه توبيخٌ وتأنيبٌ، فبدل أن يسأل الأبَ القاتلَ، يسأل البنتَ المقتولةَ ماذا فعلت؟ وأيّ جريمةٍ اقترفت حتّى قتلك أبوك؟ هذا الأسلوب قمّة التّوبيخ والتّقريع لهم.

الآية رقم (10) - وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ

صحف النّاس الّتي كُتبت عليها أعمالهم كلّها منذ ولادتهم وحتّى وفاتهم، فتُنشر الصّحف للنّاس أجمعين في ذلك اليوم.