الآية رقم (5) - قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا

دعوة نوح عليه السلام لقومه كانت مستمرّة على مدار اليوم ليلاً ونهاراً، لم يُقَصِّر في دعوتهم، ولم يكتم عنهم نصحه وإرشاده، ولكنّهم لم يستجيبوا، فيقول نوح عليه السلام: يا ربّي قد بلّغت رسالتي، وأتوجّه إليك وأبرأ إليك من صنيعهم، فقد دعوت قومي ليلاً ونهاراً إلى توحيدك وعبادتك، وحذّرتهم بأسك وسطوتك.

الآية رقم (6) - فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا

﴿فَلَمْ يَزِدْهُمْ﴾: استخدم الحقّ تعالى (الفاء) الّتي تقتضي التّعقيب، وتُفيد الإلحاح عليهم، وقد ظلّ سيّدنا نوح عليه السلام قرابة ألف سنة يدعو قومه ليلاً ونهاراً، سرّاً وعلانية، لكنّهم كانوا يفرّون من الإيمان، لذلك يأتي الحقّ تعالى في أمر دعوة نوح عليه السلام بالفاء الّتي تدلّ على المتابعة، وهم لم تزدهم متابعة نوح عليه السلام على مدى تسعمئة وخمسين سنة إلّا كفراً وعناداً وتباعداً من الإيمان.

الآية رقم (7) - وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا

يستمرّ نوح عليه السلام في شكايته لربّه الّتي تمثّلت في أنّه كلّما دعا قومه لعبادة الله تعالى وحده وتقواه فعلوا فعلةً تدلّ على شدّة إعراضهم عن دعوته عليه السلام وإصرارهم على كفرهم.

﴿جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ﴾: ومن البداهة أن نعرف أنّ الإصبع لا تدخل كلّها إلى الأذن، إنّما الأنملة تسدّ فتحة السّمع فقط، وعدّل القرآن الكريم ذلك بمبالغة تكشف موقف نوح عليه السلام، فكلٌّ منهم أراد أن يُدخِل إصبعه في أذنه حتّى لا يسمع أيّ دعوة، وهذا دليل كراهية للإيمان، وهذه شهادة ضدّهم؛ لأنّهم يفهمون أنّهم لو سمعوا فقد تميل قلوبهم لما يُقال، وأهل الباطل دائماً لا يحبّون أن يسمعوا صوت الحقّ، وأوّل شيءٍ يفعلونه هو سدّ آذانهم عن سماع الحقّ، إمّا بأن يصمّوا آذانهم أو بمنع أهل الحقّ من الكلام أو بقتلهم، وقد حدث أنّ مشركي مكّة تواصوا فيما بينهم: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ [فُصِّلَت]، فتواصوا بالتّشويش على القرآن الكريم ثقةً منهم في أنّ القرآن الكريم لو تناهى إلى الأذن فقد يُؤَثِّر في نفسيّة السّامع، ولو كان هذا القرآن باطلاً فلماذا خافوا من سماعه؟!

وهم لم يكتفوا بوضع أصابعهم في آذانهم؛ أي: أطراف أصابعهم حتّى لا يسمعوا، وقد كان هذا كافياً ليتحقّق غرضهم في عدم سماع نوح عليه السلام ودعوته، لكنّهم أيضاً:

﴿وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ﴾: أي: غطّوا رؤوسهم بثيابهم، فهم لا يريدون سماعه فقط، بل إنّهم أيضاً لا يريدون رؤيته، فهم: ﴿جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ﴾ لئلّا يسمعوا كلامه، ﴿وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ﴾ لئلّا يروه، فالحقّ تعالى يرسم لنا صورة مرتبطة بالسّياق الواردة فيه، لتصوير إعراض قوم نوح عليه السلام عن الدّعوة ورفضهم لها، فاستخدم كلمة: ﴿أَصَابِعَهُمْ﴾  للإيحاء بشدّة إعراضهم ومبالغتهم في ذلك إلى الحدّ غير المعقول، وهو محاولتهم إدخال الأصابع كلّها في الآذان، وتكملة لهذه الصّورة المعرضة عن السّماع أضاف إليها الحقّ تعالى إعراضهم عن رؤية مَن يُكَلّمهم أيضاً: ﴿وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ﴾، وقد كانوا مُصرّين على الإعراض عن دعوة نوح عليه السلام لهم، فقال تعالى:

﴿وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا﴾: وقد كان نوح عليه السلام يأتي أصنامهم ليلاً ويُنادي بأعلى صوته: يا قوم قولوا: لا إله إلّا الله، وإنّي نوح رسول الله، فتنكَّس الأصنام، وكانوا يضربون نوحاً ضرباً شديداً، ويدوسون بطنه حتّى يخرج الدّم من أنفه وأذنيه، فقد أصرّوا على كفرهم إصراراً مع كلّ ما بذله نوح عليه السلام من محاولات مُضنية أن يؤمنوا، ولكنّهم: ﴿وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا﴾ فحقّ عليهم عذاب الله عز وجل؛ لأنّهم تأبّوا وعاندوا وأخذتهم العزّة بالإثم، وأرادوا بالاستكبار الهرب من الالتزام بالمنهج الّذي جاءهم به الرّسول عليه السلام، واستكبر وتكبَّر وكلّ ما جاء على وزن (تفعّل) يدلّ على أنّ كبرهم سرعان ما يزول وينمحي عند أيّ مواجهة، وقوم نوح لم يستكبروا فقط، بل استكبروا استكباراً، فاستكبارهم فاق الحدّ والتّصوّر، لذلك استحقّوا عذاباً لم يُعذَّبه أحدٌ من قبلهم ولا من بعدهم، فكان الطّوفان، فاستحقّوا دعاء نوح عليه السلام عليهم بالإبادة والاستئصال، واستجاب الله تعالى له، ونوح عليه السلام إنّما دعاهم لعبوديّة الله تعالى وحده ليغفر لهم الله عز وجل.

الآية رقم (8) - ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا

يبَرِّئ نوح عليه السلام ساحته من أن يكون قد قصّر في دعوته لقومه، أو أنّه فرّط فيما أمره الله تعالى به، فمع إعراضهم عن نوح عليه السلام وجَعْلِهم أصابعهم في آذانهم حتّى لا يسمعوه، واستغشائهم ثيابهم حتّى لا يروه، وليس هذا فقط، بل: ﴿وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا﴾، مع هذا لم ييأس نوحٌ عليه السلام واستمرّ في دعوتهم، فيقول:

﴿ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا﴾: أي: إنّني بعد ذلك دعوتهم جهراً في أسواقهم وطرقهم، ولم أخشَ سُخريّتهم بي، ولا اعتداءهم عليّ.

﴿جِهَارًا﴾: مجاهراً بدعوتي بأعلى صوتي لا أُخفضه ولا أُخافت به، بل ظاهراً في غير خفاء، فالجهار: الكلام الـمُعلَن به، فصرخ بهم داعياً لهم، وصاح بإنذارهم، فقد دعاهم علانيةً من غير خُفية، بل أظهر لهم الدّعوة.

الآية رقم (9) - ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا

جرّبت معهم أنواع وأساليب دعوتهم إلى الإيمان كلّها، إعلاناً وإسراراً، دعوة علنيّة على الملأ، ودعوة سريّة في إسرارٍ بيني وبين أفراد قومي.

﴿إِسْرَارًا﴾: مصدر فيه معنى التّوكيد، وتُعرَب مفعولاً مطلقاً.

﴿لَهُمْ﴾: استخدام كلمة: ﴿لَهُمْ﴾ تُعطينا لفتة في أنّ نوحاً عليه السلام كان يودُّ إيمان قومه، وكان حريصاً عليهم، فالنَّظم القرآنيّ أتى بـ ﴿لَهُمْ﴾ وكرّرها ليعطي معنى إلحاح نوح عليه السلام عليهم، ورغبته في إيمان قومه، فهم في باله طوال الوقت، بل إنّه تعدّى هذا إلى أنّه كان يرغب في مغفرة الله تعالى لهم، فكان يوصي قومه باستغفار الله عز وجل، ولكن كيف وهم لا يؤمنون بالله تعالى إلهاً مُستَحقّاً وحده بالعبوديّة؟ فكانوا يُشركون معه أوثاناً لا تضرّ ولا تنفع، ولا تسمع ولا تُبصر:

الآية رقم (10) - فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا

لقد أراد نوحٌ عليه السلام أن يرحم قومه بجعلهم يستغفرون ربّهم، فالاستغفار توبة وإقرار واعتراف بالذّنب، فهَبْ أنّ الله تعالى لم يُشَرِّع التّوبة والاستغفار وأذنب واحدٌ ذنباً، وبمجرّد أن أذنب ذنباً خرج من رحمة الله عز وجل، فماذا يُصيب المجتمع منه؟ إنّ الشّرور كلّها تصيب المجتمع من هذا الإنسان؛ لأنّه فقد الأمل في الصّلاح، فيصبح أكثر شرّاً وعدوانيّة وأكثر ذنوباً، فالاستغفار إقرارٌ بالتّقصير وإعلانٌ بالإصلاح، وساعة تطلب المغفرة من الله تعالى فهذا إعلانٌ منك بالإيمان، وما دام الإنسان استغفر الله تعالى فعليه ألّا يعود إلى ذنبٍ أبداً، وأن يحرص على تجنّب المعاصي والذّنوب.

﴿رَبَّكُمْ﴾: الّذي خلقكم وأوجدكم في الدّنيا، وهو يتولّاكم برزقه وعنايته ورعايته، فإذا وقفتم ببابه مستغفرين لم يردّكُم خائبين.

﴿إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾: كلمة (غفّار) أعلى صيغ المبالغة مبالغةً، فهناك (غافر) بصيغة اسم الفاعل، يقول تعالى: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ﴾ [غافر: من الآية 3]، وهناك في صفات الله تعالى: غافر، غفور، غفّار، وهناك تائب وتوّاب، وقد تكون صيغة المبالغة لتكرار حدوث الفعل، فتتعدّد المغفرة بتكرار ذنوب العبد، فهو سبحانه غافرٌ للذّنب الواحد، وهو غفورٌ دائم، أمّا غفّار فهو الغفور في كلّ وقتٍ ومهما تعدّدت الذّنوب، وليس معنى قوله تعالى: ﴿كَانَ غَفَّارًا﴾أنّه كان ولم يَعُدْ غفّاراً الآن، فليس في حقّ الله تعالى زمن، وهو سبحانه غفور وغفّار قبل أن يكون هناك محتاجٌ إلى المغفرة.

الآية رقم (1) - إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

قصّة سيّدنا نوح عليه السلام من القصص الّتي وردت كثيراً في القرآن الكريم، مثل قصّة سيّدنا موسى عليه السلام، ومن العجيب أنّ لقطات القصّة تنتشر في بعض السّور، لكنّ السّورة الّتي سُمّيت بسورة نوح ليس فيها من المواقف الّتي تُعَدّ من عيون القصّة، بل تعالج لقطات أخرى، فتعالج إلحاحه في دعوة قومه، وأنّه ما قصّر في دعوتهم ليلاً ونهاراً وسرّاً وعلانيةً، كلّما دعاهم ابتعدوا، ولم تأت قصّة السّفينة فيها، ولا قصّة الطّوفان، وهذه لقطات من عيون القصّة، وكذلك لم تأت فيها قصّته مع ابنه، بل جاء بها في سورة هود، فكلّ لقطة جاءت لوضع مقصود، ولهذا رأينا قصّة نوح عليه السلام في سورة نوح قد خلت من عناصر مهمّة في القصّة، وجاءت هذه العناصر في سورة هود أو في سورة الأعراف.

وإذا كان الحقّ تعالى قد أنهى سورة المعارج السّابقة على سورة نوح الّتي نحن بصددها بتأكيد أنّه تعالى قد أوعد وأنذر النّاس جميعهم بيوم الحساب، وأنّه لا بدّ آتٍ ولا ريب فيه، فإنّه تعالى يبدأ سورة نوح بإعطائنا مثالاً لهذا الإنذار وهذا الوعيد على لسان النّبيّ نوح عليه السلام، وبدأ السّورة بتأكيده أنّه أرسل نوحاً إلى قومه أن يُنذرهم وينبّههم قبل أن يأتيهم عذاب أليم، قد يكون هو الطّوفان الّذي حدث في الدّنيا، وقد يكون الإنذار بيوم القيامة الّذي يُجمَع له النّاس.

﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ﴾: فرسالة نوح عليه السلام كانت لقومه، وكذلك إبراهيم ولوط وشُعَيب وصالح وموسى وعيسى كانت لأقوامهم، بينما الرّسول محمّد ﷺ للعالمين، قال تعالى﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء].

ونوح عليه السلام رسول ككلّ الرّسل أوحي إليه بتوحيد الله عز وجل، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ [النّساء].

﴿أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾: أي: حذِّر قومك ونبِّههم وأنذرهم قبل أن يحلّ بهم عذابٌ أليم، عذاب عاجل وهو الطّوفان في حقّ قوم نوح، وعذاب آجل وهو عذاب الآخرة لمن مات دون أن يتوب من كفره.

وكلمة: ﴿أَنْ أَنْذِرْ﴾ أصلها: بأن أنذر؛ لأنّ تقدير الكلام: أرسلنا نوحاً بأن أنذر، ولكن حُذِف الجار وأوصل الفعل، والمعنى: أرسلنا نوحاً بأن قلنا له: أنذر، ولكن لماذا أنذر في هذه الآية؟ نقول: عاش نوح عليه السلام في قومه داعياً إلى الله تعالى تسعمئة وخمسين عاماً، ووصل معهم إلى طريقٍ مسدود، وما آمن معه بعد كلّ هذه المدّة الطّويلة إلّا ثلاث عشر رجلاً وامرأة كما جاء في الرّوايات، فالحالة الّتي كان قوم نوح قد انتهوا إليها من إعراض واستكبار وعناد وضلال تجعل الإنذار هو أنسب ما تُلَخَّص به رسالته، لقد وصل الأمر بنوح عليه السلام أن دعا على قومه دعاءً مُؤلماً، سيأتي في هذه السّورة: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ ؛ أي: لا تُبقي على أحدٍ منهم، ولا تذر منهم نسمة.

والعذاب الأليم هنا هو الطّوفان والغرق في مياهه، وهذا هو الأرجح؛ لأنّه استخدم هنا لفظة: ﴿يَأْتِيَهُمْ﴾، فالطّوفان هو الّذي سيأتي إليهم، أمّا عند الحديث عن اليوم الآخر فقد قال في سورة المعارج قبل بضعة آيات: ﴿حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ[المعارج].

الآية رقم (2) - قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ

﴿قَالَ يَا قَوْمِ﴾: كلّف الحقّ تعالى نوحاً عليه السلام بالرّسالة وبإنذار قومه، وقد دعا نوح عليه السلام قومه كما دعا أيّ رسول قومه: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ﴾، والقوم مجتمع أناس، وهم الجماعة.

﴿إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾: أي: نذير واضح لا يحتمل اللّبس، ونحن نلحظ أنّ همزة (إنّ) في إحدى قراءتي الآية تكون مكسورة، وفي قراءة أخرى تكون مفتوحة، أمّا في القراءة بالكسر فتعني أنّ نوحاً عليه السلام قد جاء بالرّسالة فبلّغ قومه وقال: ﴿إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾، وأمّا القراءة الأخرى فتعني أنّ الرّسالة هي: (أنّي لكم نذيرٌ مُبينٌ)، فكأنّ القراءة الأولى تعني الرّواية عن قصّة البلاغ، والقراءة الثّانية تُحدِّد مضمون الرّسالة: ﴿إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾.

﴿نَذِيرٌ﴾: النّذير: هو مَن يُخبِر بشرٍّ لم يأت وقته بعد، حتّى يستعدّ السّامع لملاقاته، والإنذار إنّما يكون للعاصي أو الكافر، أمّا المؤمن فله البشارة.