الآية رقم (270) - وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ

الآيات السّابقة الّتي فسّرناها كانت تتعلّق بمعالجة قضيّة هامّة وهي قضيّة شحّ النّفس وقضيّة الإنفاق في سبيل الله، بيّنت الآيات السّابقة كلّ المناحي المتعلّقة بالإنفاق في سبيل الله والرّياء في هذا العمل وكلّ منافذ الشّيطان الّتي يمكن أن تدخل على الإنسان أثناء تأديته لهذه الفريضة إن كانت زكاة أو للصّدقات والّتي هي سنّة عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، إذاً بعد الآيات السّابقة يتابع المولى سبحانه وتعالى البيان عن النّفقة:

(وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ): طبعاً النّفقة تحدّثنا عنها مطوّلاً، الآن ترد معنا أوّل مرّة كلمة نذر، ما هو تعريف النّذر؟ هو أن يقوم الإنسان بعمل من جنس ما كلّفه الله سبحانه وتعالى فوق مقدار التّكليف، مثال: فرض عليّ صلاة خمس أوقات وأصلّي السّنن لكنّي نذرت أن أصلّي أربعين ركعة لله، إذاً هذا من جنس ما أمر الله، الّتي هي الصّلاة، لكن فوق ما أمر الله سبحانه وتعالى، أو إنسان نذر أن يذبح شاة أو خروفاً ..إلخ، هناك الأضحية الّتي سنّت في الإسلام، فأنت ضحّيت بثلاثة، هو أمر أن تضحّي بعيد الأضحى، وأنت كلّ فترة تضحّي، فالنّذر يكون من جنس ما أمر الله به، ولا يصحّ أن تنذر نذراً يخالف شرع الله.

الآية رقم (260) - وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

مازلنا بنفس الموضوع، وكثير من النّاس يستند إلى هذه الآية بأنّ إبراهيم عليه السَّلام قال: أرني كيف تحيي الموتى؟ ويتساءلون: حتّى إبراهيم كان عنده شكّ؟ الجواب: طبعاً لا، لننظر إلى دقّة الأداء القرآنيّ: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ)، إذاً هو كان مؤمناً إيماناً قطعيّاً أنّ الله سبحانه وتعالى يحيي الموتى، كما أنّك إذا ذهبت إلى بنّاء وقلت له: كيف بنيت هذا القصر العظيم؟! أنت تشاهد القصر أمامك ومتأكّد من وجوده، لكنّك تطلب منه أن يُريك كيف بناه وكيف وضع الأعمدة وكيف وضع الإسمنت المسلّح وركّبها على بعضها حتّى استكمل هذا البناء، إذاً هو يرى ويؤمن إيماناً مطلقاً بأنّ هذا القصر موجود، ولكنّه يسأل عن الكيفيّة، وهكذا سؤال سيّدنا إبراهيم عليه السَّلام؛ لأنّ هناك تخيّلاً عنده لهذه الكيفيّة، ودلّل على ذلك سيّدنا إبراهيم عليه السّلام بقوله: (قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) إلى التّصوّرات الّتي كنت أتصوّرها حول إحياء الموتى هذا هو المعنى؛ لأنّه قال: (أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى) وإلّا كانت أتت الآية بهذا الشّكل: (إذ قال إبراهيم ربّي أرني أتحيي الموتى)؟ هو لا يشكّ بأنّ الله سبحانه وتعالى قادر على إحياء الموتى ولكن سؤاله عن كيفيّة إحياء الموتى.

(قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ): صرهنّ: أي اجمعهنّ إليك.

والمراد أحضر أربعة من الطّيور واجمعها أمامك.

الآية رقم (271) - إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

يتابع المولى سبحانه وتعالى الحديث عن النّفقة في سبيل الله، وعن عمل الخير، وهذا جزء أساسيّ من الدّين، «والصّدقة برهان»([1])، برهانٌ على صحّة الإيمان، فالمال هو مال الله أعطاه إيّاك، لكن عندما تنفق من مال الله على خلق الله فإنّ هذا العمل يثبت صحّة إيمانك، وتعلّقك بأوامر الله سبحانه وتعالى.

(إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ): بالنّسبة للصّدقات هناك طريقتان للإنفاق:

1- إمّا أن تبدِي هذه الصّدقة.

2- وإمّا أن تخفيها.

فإن أبديتها فنِعْمَ هذا العمل، ونِعْمَ ما قُمت به من إبداء الصّدقة، لماذا؟ لأنّه عندما يقوم الغنيّ بإبداء الصّدقة مع صفاء النيّة لله، وخصوصاً فيما يتعلّق بالزّكاة؛ لأنّها فرض، فإنّه يحمي المجتمع ويحمي نفسه ويكون مثالاً يُحتذى للامتثال لأوامر الله عزّ وجلّ، ويقول العلماء: إنّ الإنسان الغنيّ عندما يتصدّق عليه أن يُبرز ويُبدي الصّدقة، أمّا الإنسان المتوسّط فالأفضل أن يخفي الصّدقة؛ لأنّ الإنسان الغنيّ سيقع النّاس بسيرته وبسلوكه ويقولون: عنده الأموال والأطيان والقصور..، وهو لا يُنفق منها شيئاً، إذاً هي عمليّة تتعلّق بتكافل اجتماعيّ، وبشعور إنسانيّ، عندما تبدي الصّدقة، فإنّ إبداءها يُحقّق هذا الأمر، ويمنع الفقراء من أن يتسلّل الحقد أو الحسد إلى قلوبهم، فهنا إبداء الصّدقة أفضل، لكنّ الله سبحانه وتعالى قال بعدها:

الآية رقم (261) - مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ

الآيات السّابقة تحدّثت عن كيفيّة إحياء الموتى، قلت لكم: إنّ القرآن الكريم لا يمكن أن يكون من لدن بشر، فأيّ كتاب يكتبه بشر فلا بدّ من أن يكون هناك وحدة أو تسلسل في الموضوع وفق العقل البشريّ، القرآن الكريم فيه وحدة في الموضوع وفيه تسلسل ولكن حسب القدرة الإلهيّة، وليس حسب العقل البشريّ، وهذا هو الفارق، حسب العقل البشريّ ما علاقة الإنفاق وشحّ النّفس بالموضوع الّذي سبق؟ الموضوع الّذي سبق مشهد من حوار الخليل إبراهيم عليه السلام مع النّمرود، فكأنّك كنت مع قصّة قرآنيّة ومع قضيّة تتعلّق بقصّة سيّدنا إبراهيم عليه السلام، لكن الموضوع أو القصص القرآنيّ ليس قصصاً بشريّاً وإنّما هو للعبرة (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ) [يوسف: من الآية 111]، هو عبرة وعظة ليستمرّ عبر الزّمان والمكان، ووحدة الموضوع حسب القدرة الإلهيّة هو وحدة التّكاليف الإيمانيّة ووحدة معالجة دخائل النّفس البشريّة، أنت كإنسان تكتب موضوعاً وتجعل له أبواباً فتضع سورة إبراهيم، سورة يوسف، سورة محمّد، سورة هود، سورة يونس، سورة موسى، سورة عيسى، وهكذا.. ثمّ تجعل باب الزّكاة، باب الحجّ، باب الجهاد، باب الإنفاق، باب برّ الوالدين، باب الأخلاق… فتقسّم المواضيع حسب العناوين، أمّا في إعجاز البلاغ البيانيّ فيما يتعلّق بالقرآن الكريم فالقرآن كلام ربّ البشر للبشر فإذاً هو يعالج النّفس البشريّة فيأتي لها من كلّ المداخل وبكلّ المواضيع، ولا يوجد هناك حسب عقلك وحدة في الموضوع، ولكن حسب الإرادة الإلهيّة هذا ممكن، فكما أورد لك قصّة تتعلّق بكيفيّة إحياء الموتى وبنقاش جرى بين الخليل إبراهيم وبين النّمرود فهو أيضاً يعالج مباشرة معك ما يتعلّق بالإنفاق وبشحّ النّفس، فالوحدة الإيمانيّة واحدة، فإذا سألت: ما علاقة هذه بهذه؟ العلاقة أنّك إنسان تتلقّى عن ربّ الإنسان، وهو يعالج كلّ أدواء البشر الفكريّة والعقليّة والأخلاقيّة والقيميّة.

الآية رقم (262) - الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ

إذاً تبيّن لي أمر الآن، أنّ المثل حتّى ينطبق له شرط معلّق به، وهو أنّك لا تتبع الإنفاق بالمنّ والأذى.

(ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى): لم يقل: (ولا يُتبعون) مع أنّه لو كان بشر الّذي يكتب لقال: (ولا يتبعون)، لماذا جاءت هنا (ثُمَّ)؟

ثمّ على التّراخي؛ لأنّك قد لا تمنّ عند العطاء، بل تمنّ بعد مضي زمن؛ لذلك جاءت: (ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى)، إذاً الّذين ينفقون أموالهم في سبيل الله عليهم ألّا يُتبعوا ما أنفقوا منّاً ولا أذى حتّى يُقبل ذلك الإنفاق منهم، فطالما فعلت الأمر في سبيل الله فدع الأمر لله، لماذا اشترط الله عزَّ وجلّ هذا الشّرط تحديداً؟ لأنّ الإنسان لحظة الإنفاق قد يكون في حالة إيمانيّة، ثمّ تعتريه تغيّرات، فمن الممكن أن يمنّ ويؤذي من خلال هذا العطاء بالكلمة، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يحصّن العطاء والرّزق، وأن يحصّن الإنفاق بأن يكون خالصاً في سبيل الله؛ لذلك فإنّ الّذي يُنفق ويمنّ يخسر خسارتين: الخسارة الأولى: بأنّه خسر المال الّذي أعطاه للفقير، أمّا الخسارة الثّانية: هي بأنّه حوّل هذا الفقير إلى عدوّ له حين تمنّنه من خلال الإنفاق والعطاء. فبدلاً من أن تعالج قضيّة اجتماعيّة خسرت المال وخسرت مَن أنفقت عليه المال؛ لذلك تخسر خسارتين.

(لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ): الحقيقة أنّ الّذي يمنّ عندما يعطي هو تصوّر الضّعيف الّذي أنفق عليه، ولم يتصوّر قدرة ربّ الضّعيف، فلو وضع في تصوّره ربّ الضّعيف لم يمنّ ولم يؤذِ، إذاً هناك قاعدة هذه القاعدة هي أنّك تأخذ الأجر ممّن عملت له، هذه قاعدة بشريّة، أنت موظف في الدّولة تأخذ الرّاتب من الدّولة، والطّبيب يأخذ الأجرة من المريض.. وهكذا، إذاً هذا قانون كلّ عمل يكون له أجر ممّن عملت له، فإذا كنت تنفق في سبيل الله إذاً العمل لله فلماذا تمنّ؟ أنت تعطي هذا الفقير، وهذا اليتيم، وهذا البائس، وهذا المحتاج، كيف تمنُّ عليه وهذا العمل في سبيل الله؟ إذا كان في سبيل الله فإذاً اطلب أجرك ممّن عملت له؛ لذلك قال الله سبحانه وتعالى في تذييل هذه الآية: (لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ): إذاً الأجر من الله سبحانه وتعالى.

الآية رقم (263) - قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ

(قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ): فإن أعطيت سائلاً صدقة وألحقتها بالمنّ والأذى والإساءة إلى من أعطيت، فالكلمة الطيّبة أفضل بكثير من العطاء الماليّ إذا كان معه أذى؛ لذلك قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلم: «اتّقوا النّار ولو بشقّ تمرة، فإن لم تجد فبكلمة طيّبة»([1])، إذاً المعروف ضدّه المنكر، والمعروف هو الشّيء الّذي ألفه النّاس وتعارفوا عليه، وهو الخير، والمنكر هو ما أنكرته النّفس البشريّة وهو الشّرّ، فالكلمة قد تكون سلاماً تداوي به الإنسان أكثر من أن تؤذيه بمالك، وذلك بأن تعطيه وتمنّ عليه.

(وَمَغْفِرَةٌ): ما علاقة المغفرة هنا؟ أشاع الإسلام القيم، أنت عندما تفعل الخير حتّى بالكلمة الطّيّبة أو بعفوك عن إنسان، (أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) [النّور: من الآية 22]، هذا هو المعنى.

(وَاللَّهُ غَنِيٌّ): فالله سبحانه وتعالى غنيّ، طلب منك أن تنفق على خلقه وهو الّذي خلقك وخلقه وهو الّذي استدعاك واستدعاه فإذاً هو غنيّ عنك وعنه وطالما هو غنيّ عنك وعنه فإذاً أنت تتعامل مع غنيّ، قال عليه الصّلاة والسّلام: «أنفق بلال ولا تخشى من ذي العرش إقلالاً»([2]).

(حَلِيمٌ) : يعني أنّ الله سبحانه وتعالى يمهل لكنّه لا يهمل.


([1]) صحيح البخاريّ: كتاب الأدب، باب طيب الكلام، الحديث رقم (5677).
([2]) المعجم الكبير للطّبرانيّ: باب العين، عبد الله بن مسعود الهذليّ، الحديث رقم (10300).

الآية رقم (253) - تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ

قد يأتي أحدهم ويقول: المسلمون هم من يفرّقون بين النّاس، ويأتي بهذه الآية: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ) ونحن نعرف تفاصيل القرآن الكريم من القرآن أوّلاً وبعد ذلك من النّبيّ صلَّى الله عليه وسلّم، قال سبحانه وتعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ) [البقرة: من الآية 285]، نقيس هذا النّصّ القرآنيّ بهذا النّصّ، لا نفرّق بالإيمان بين الرّسل، ولكن كيف يكون التّفضيل؟ التّفضيل من الله سبحانه وتعالى:

1- أنّه يفضِّل بعض الرّسل ببعض الأشياء الّتي يعطيها مناسبة لذلك الزّمان.

2- أو يفضِّلهم بمساحة العمل.

3- أو يفضِّلهم ببعض المعجزات.

4- وبعضهم فضّلهم بالحكمة.

الآية رقم (264) - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ

إذاً إبطال مفعول الصّدقة يتمّ من خلال المنّ والأذى؛ لأنّ الإسلام هو إشاعة خير حتّى ولو بالكلمة الطّيّبة، فإذاً لا يجوز أن يكون هذا المال الّذي أنفقته سبباً لإيذاء الآخرين.

(الَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ): هذا مثل ضربه الله عزَّ وجلّ، مثل للإنسان الّذي يمنّ أو يؤذي حين ينفق، وأنت تعرف عند إنفاقك هل تنفق مراءاة للنّاس أم إنّك تؤمن بالله وتؤمن باليوم الآخر، وذكر هنا اليوم الآخر؛ لأنّ الأمر لا يتعلّق فقط في الدّنيا وإنّما يتعلّق بالحساب في الآخرة، أنت توزّع من مالك صدقات حتّى يُشاع في المجتمع، إذاً اذهب وخذ أجرك ممّن أنفقت لهم، أنت أبطلت مفعول الصّدقة وهو أن تأخذ الأجر من الله، ولا خوف عليك ولا على أولادك، ولا تحزن في الآخرة، ولا تخاف في الدّنيا على ذريّتك، أبطلت كلّ هذه المفاعيل ممّن عملت له والله سبحانه وتعالى أغنى الشّركاء عن الشّرك، عن شدّاد بن أوس رضي الله عنه قال: بينما أنا عند رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذ رأيت بوجهه أمراً ساءني فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله ما الّذي أرى بوجهك؟ قال: «أمر أتخوّفه على أمّتي من بعدي»، قلت: وما هو؟ قال: «الشّرك وشهوة خفيّة»، قال: قلت: يا رسول الله، أتشرك أمّتك من بعدك؟ قال: «يا شدّاد، أما إنّهم لا يعبدون شمساً ولا قمراً ولا وثناً ولا حجراً ولكن يراؤون النّاس بأعمالهم»([1])، وهذا هو الشّرك الخفيّ، وهذا ما أشارت إليه الآية القرآنيّة:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ)؛ لأنّ الّذي ينفق رياء النّاس لا يؤمن بالله، حتّى لو تعاملت مع الله سبحانه وتعالى لكن قد تضعف نفسك فتمنّ أو تتحدّث بما أعطيت؛ لذلك صدقة السّرّ هنا تكون أفضل إذا خفت من الرّياء.

الآية رقم (254) - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ): ما علاقة الإنفاق الآن بقوله: تلك الرّسل فضّلنا بعضهم على بعض وبالاختلاف؟ هي وحدة التّكاليف الإيمانيّة، والإنفاق ممّا رزقك الله ليس فقط هو إنفاق بالمال؛ لأنّ الرّزق ليس بالمال فقط، فالعلم رزق، والسّلطة رزق، والجاه رزق، فأنت تُنفق ممّا أعطاك الله، كما قال ابن عطاء الله السّكندريّ: (إذا أراد أن يُظهر فضله عليك، خلق ونسب إليك)، أنت تعتقد أنّ المال هو مالك، ولكنّه مال الله؛ لأنّه من رزقه وعطائه، وتحقيق التّوازن في الكون الّذي يحدث بين الحقّ والباطل لا يتمّ حتّى ينفق الّذي أعطاه الله على الّذي لم يعطه الله سبحانه وتعالى؛ لذلك قال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ) ، وقال: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) [البقرة: من الآية 245]، قلنا: إنّك تتعامل مع الله عزّ وجلّ، وإنّك عندما تعطي الفقير والمسكين والبائس واليتيم وذوي الحاجات ومن هم أقلّ منك فكأنّك تقرض الله؛ لأنّه هو الّذي استدعاك واستدعاه للوجود، وخزائن الله لا تنفد، والله سبحانه وتعالى أراد أن يبتليك بما افترض عليك.

 (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ): أي يوم القيامة، قبل أن يأتي هذا اليوم، هناك ثلاثة أمور أنتم تتمتّعون بها وهي: البيع والخلّة والشّفاعة.

الآية رقم (265) - وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

الآيات تتحدّث عن الإنفاق في سبيل الله سبحانه وتعالى ومعالجة الشّحّ في النّفس البشريّة، وهذه المعالجة الّتي أرادها الله سبحانه وتعالى ؛ لأنّه هو خلق الخلق وجعل تعاليم الإسلام رحمة للعالمين، ولم يحدّد بأنّ هذه الرّحمة تنال من آمن به فقط، وإنّما رحمته وسعت كلّ شيء؛ لذلك فإنّ الله سبحانه وتعالى وضع بحساب دقيق الخلق وضمن لمن احتاج أن يأخذ ممّن أنعم الله عليه، وذلك من خلال حثّ النّاس على الزّكاة وعلى الصّدقات وعلى الإنفاق وعلى فعل الخيرات، قد يسأل الإنسان سؤالاً: لماذا لم يخلق الله كلّ النّاس أغنياء ولا يحتاج أحد لأحد؟ فلا نحتاج أن نحثّ الأغنياء ليعطوا الفقراء وليتصدّقوا، وبعد ذلك ننبّه عليهم بأنّهم لا يجوز لهم أن يمنّوا وأن يؤذوا؟ الجواب: لأنّنا لا نعلم حكمة الحكيم؛ لذلك الله سبحانه وتعالى يقول: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) [البقرة].

(وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ): عن أنس قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يُكثر أن يقول: «يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك»([1])، الصّدقة تثبّت إيمانك، أنا أريد أن أثبّت إيماني فماذا أفعل؟ أُداوي خلق الله، أُنفق على خلق الله، إذاً هذا هو التّثبيت، فعندما أُنفِق أشعر أنّ رزق الإيجاب ورزق السّلب قد تحقّق لي، هذا معنى تثبيت النّفس.

الآية رقم (255) - اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ

الآن نأتي إلى أعظم آية في كتاب الله سبحانه وتعالى، روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنّ أعظم آية في كتاب الله: (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) ([1]) آية الكرسيّ، وهناك أحاديث كثيرة وردت عن سيّدنا رسول الله في فضل وعظمة هذه الآية، منها قوله صلَّى الله عليه وسلّم: “من قرأ آية الكرسي دبر كلّ صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنّة إلّا أن يموت([2])، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكّلني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطّعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنّك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: إنّي محتاج وعليّ عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخلّيت عنه، فأصبحت فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلَّم: «يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة؟»، قال: قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته فخلّيت سبيله، قال: «أما إنّه قد كذبك وسيعود»، فعرفت أنّه سيعود لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم: «إنّه سيعود». فرصدته فجاء يحثو من الطّعام فأخذته فقلت: لأرفعنّك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم، قال: دعني فإنّي محتاج وعليّ عيال لا أعود، فرحمته فخلّيت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم: «يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك؟»، قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته فخلّيت سبيله، قال: «أما إنّه كذبك وسيعود». فرصدته الثّالثة فجاء يحثو من الطّعام فأخذته فقلت: لأرفعنّك إلى رسول الله وهذا آخر ثلاث مرّات تزعم لا تعود ثمّ تعود، قال: دعني أعلّمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: ما هو؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسيّ (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) حتّى تختم الآية فإنّك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنّك شيطان حتّى تصبح، فخلّيت سبيله فأصبحت، فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم : «ما فعل أسيرك البارحة؟»، قلت: يا رسول الله، زعم أنّه يعلّمني كلمات ينفعني الله بها فخلّيت سبيله، قال: «ما هي؟»، قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسيّ من أوّلها حتّى تختم (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)، وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتّى تصبح، -وكانوا أحرص شيء على الخير- فقال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلّم: «أما إنّه قد صدقك وهو كذوب، تعلم مَن تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟»، قال: لا، قال: «ذاك شيطان»([3])، أي أنّه صدق بأنّ آية الكرسيّ هي أعظم آية في كتاب الله سبحانه وتعالى.

الآية رقم (266) - أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ

نلاحظ دقّة الأداء القرآنيّ وتركيز القرآن الكريم على موضوع الإنفاق، فهو موضوع اجتماعيّ، يؤدّي إلى تواصل اجتماعيّ قويّ جدّاً، وهنا ضرب مثلاً آخر: (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ): أحدهم غنيّ له جنّة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار، في القرآن الكريم تأتي الجنّة إمّا تجري من تحتها الأنهار، أو تجري تحتها الأنهار، أي تنبع الأنهار من تحتها.

(وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ): وأصبح كبيراً بالسّنّ.

(وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ):   له ذريّة يخاف عليهم.

(فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ)؛ لأنّ الإعصار يكون فيه شوارد الإيجابيّ والسّلبيّ، يكون فيه لمعان وممكن أن يكون فيه نار، فاحترقت وذهبت كلّ هذه الجنّة الّتي يملكها؛ لأنّه كفر بنعم الله ولم يؤدّ حقّ الله سبحانه وتعالى؛ ولأنّه لم يؤتِ الزّكاة ولم يتصدّق على خلق الله فكانت هذه النّتيجة.

الآية رقم (256) - لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

بما أنّ كلّ هذه الصّفات لله وردت في آية الكرسيّ فقد جاءت بعدها أهمّ آية في العقيدة الإسلاميّة على الإطلاق، وهي قوله سبحانه وتعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)، وهذه هي الآية الّتي نحتجّ بها على التّكفيريّين وعلى كلّ الحركات الإرهابيّة الّتي استخدمت العنف والسّلاح طريقاً للدّعوة؛ لأنّ طريق الدّعوة يحدّده ربّ الدّعوة، الله هو الّذي حدّد طريق الدّعوة إليه فقال جلّ وعلا: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النّحل: من الآية 125]، لماذا هذا هو طريق الدّعوة؟ لأنّ الاعتقاد لا يكون بالإكراه، فأيّ نظريّة أو أيّ عقيدة إذا كنت مؤمناً بصحّتها اعرضها على النّاس ولا تجبر النّاس عليها، فإذا أجبرت النّاس عليها معنى هذا أنّك تشكّ في صحّة هذه العقيدة؛ لذلك لا يمكن أن يوجد في الدّين إكراه أو إجبار،  (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) أنت حرّ في أن تؤمن أو لا تؤمن، قال سبحانه وتعالى: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) [الكهف: من الآية 18]، وقال سبحانه وتعالى في سورة (يونس): (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [يونس]، لو شاء الله سبحانه وتعالى لكان كلّ النّاس طائعين، يفعلون ما يؤمرون

الآية رقم (267) - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ

وهنا شرط آخر لصحّة الإنفاق: (أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ): فلا تسرق وتنفق، كما قال الشّاعر:

كساعيةٍ للخير من كَسب فرجها    لها الوَيلُ لا تزني ولا تتصدق([1])

إذاً الإنفاق حتّى يقبله الله يجب أن يكون في طريق شرعه الله.

سبب النّزول:

عن سهل بن حنيف قال: كان النّاس يتيمّمون -أي يقصدون- شرّ ثمارهم يخرجونها من الصّدقة، فنزلت: (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ). والعبرة بعموم اللّفظ لا بخصوص السّبب، عندما تريد أن تنفق أنفق ممّا تحبّ، قال سبحانه وتعالى: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران: من الآية 92]، ممّا تحبّون، وليس الرّديء أو الفاسد، (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ).

 


([1]) معجم البلدان: باب الهمزة والرّاء وما يليهما، ج1، ص87.

الآية رقم (225) - لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ

(لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ): ليست القضيّة هي إطلاق يمين لغو، هناك لغو في اليمين: والله لا أفعل كذا، والله لأفعلنّ كذا، فهذا لغو في اليمين، فالله سبحانه وتعالى لا ينتظر الإنسان على السّقطة في الكلام، هذا لغو في الأيمان ولا يُعتبر أيماناً واقعة.

(وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ): وإنّما اليمين الواقع هو بما كسبت قلوبكم، أي عقدتم الأيمان عليه، أنت تحلف اليمين وأنت تقصد بهذا اليمين أن تفعل كذا، وليس أن تقول: والله إن لم آت غداً، وهو كلام لغو، لكن أن تقسم اليمين وهذا القلب الّذي أقسمت من خلاله اليمين هو مصرّ على هذا الفعل، فليست القضيّة قضيّة سقطة لسان بل إصرار قلب خصوصاً باليمين.

(وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ): بالعادة تذييل الآية تأتي: والله غفور رحيم، هنا جاءت (وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) لتناسب الموضع؛ لأنّ كلمة حليم إذا وصفت إنساناً بها أيّ أنّه واسع الصّدر يتحمّل كثيراً يُقال عنه: حليم، طبعاً صفات الله لا تُقارن بصفات البشر، وصفات الله هي صفات الكمال والتّمام، فهو حليم بعباده رؤوف بهم، هنا جاءت مناسبة لغفور حليم أنّه وسع هذه الأخطاء الّتي يلوكها اللّسان ولا يقصدها القلب، لذلك يجب أن ننتبه عندما تحدّثنا عن الآيات المتعلّقة بحلف اليمين، أي  كفّارة اليمين، أمّا عن الطّلاق فتأتي الآيات التّالية لتتحدّث عن أحكام الطّلاق وما يتعلّق بها وكيف نجد أنّ النّاس قد حرّفوا معناها الحقيقيّ.

الآية رقم (236) - لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ

تتحدّث الآية عن الطّلاق بين الرّجل والمرأة بعد العقد وقبل الدّخول.

(لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ): ذكرنا سابقاً أنّ هناك فارقاً بين (إن) و(إذا)، مثلاً: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) [النّصر]، أي أنّ الأمر قد انتهى وأنّه سيأتي، ولو قال: (إن جاء نصر الله) فيعني يوجد احتمال هزيمة، احتمال أن يأتي النّصر واحتمال ألّا يأتي، أمّا في قوله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات]، لو جاءت: (يا أيّها الّذين آمنوا إذا جاءكم فاسق) يعني حُكم عليك بأنّه سيأتيك فاسق بنبأ، وليس من الضّروري أن يأتيك فاسق بنبأ.

(لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ): إن طلّقتم معناها ليس الطّلاق أمراً حتميّاً.

(لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ): إذاً لا يوجد دخول بين الرّجل والمرأة.

الآية رقم (247) - وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ

هذه طبيعة شعب بني إسرائيل، والله سبحانه وتعالى حدّد للنّبيّ من سيكون ملكاً عليهم، ورغم ذلك اعترضوا، أخبرهم أنّ شخصاً من بينهم اسمه طالوت سيكون هو الملك، فكان جوابهم: (قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ)، لم يكن كما قيل حول هذا الموضوع، لم يكن من نسل بنيامين، ولا من نسل لاوي، لذلك رأوه ليس من نسب معيّن فرفضوا وقالوا: (وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ) انظروا للمقاييس البشريّة، والمقاييس الإلهيّة، يريدون أن يكون له نسب معيّن، ويريدون أن يكون عنده مال، ما زالت طبيعة البشر هي ذاتها حتّى هذا اليوم، يركضون وراء الشّخص الّذي يملك المال، وليس وراء الشّخص الّذي لديه أخلاق أو قيم، إذاً المقياس بالنّسبة لهم مادّيّ، هذا شعب بني إسرائيل، وهذا درس حتّى لا يكون الإنسان الّذي يمتلك المال هو الّذي يمتلك الإنسان، إنّما الإنسان الّذي يمتلك القيم هو الّذي يمتلك الإنسان، وليس الإنسان الّذي يمتلك المال.

قال نبيّهم: (قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) قوّة علميّة وقوّة ماديّة جسديّة، إذاً بماذا احتجّ النّبيّ عليهم؟ احتجّ بأنّ الله اختار، والاختيار كان بالعلم وبالقوّة النّافعة الّتي يتحكّم بها العلم، هذه حقيقة ديننا.

(وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ): واسع يعني كلّ ما في هذه الدّنيا تحت قبضة الله وسعة الله، وهو عليم بما ينفع الإنسان.

الآية رقم (226) - لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

كان الرّجل قبل الإسلام يُقسِم بأن لا يقترب من زوجته، ويبقى فترة طويلة على هذا القسَم، وهذا ما يُسمّى الإيلاء، فجاء الإسلام ليحافظ على كرامة المرأة وعلى طبيعة العلاقة بين الرّجل والمرأة، قال سبحانه وتعالى: (لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) أي إن رجعوا عن هذا اليمين وهو الإيلاء، فإنّ الله غفور رحيم، أمّا إن أصرّوا على ذلك، فإنّ الطّلاق هو الحلّ، ويُرفَع الأمر إلى القاضي ليقضي بطلاقها، ومن حقّ المرأة أن تطلب الطّلاق إن استمرّ هذا الأمر. فالإسلام وضع كرامة المرأة وحقوقها أوّلاً، الآية الأولى: (لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) أربعة أشهر بعد ذلك إمّا أن يفيئوا ويعودوا عن هذا اليمين يمين الإيلاء، أو يُطلِّقوا.

الآية رقم (237) - وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

إذا حدث الطّلاق بين الرّجل والمرأة قبل الدّخول وبعد العقد يدفع الرّجل نصف المهر، هذا هو حكم الشّرع.

(إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ): إلّا أن يتمّ العفو والسّماح عن طيب خاطر وعن تراض بين الرّجل وبين المرأة أو الّذي بيده عقدة النّكاح.

(وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ): إذا عفا الإنسان عن حقّه فهو أقرب للتّقوى (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[آل عمران: من الآية 134]، والتّقوى هي جماع كلّ الخير، لذلك قلنا: إنّ الأُسر الإسلاميّة بُنيت على تقوى الله سبحانه وتعالى.

(وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ): الفضل هو فوق العدل، دائماً الفضل هو الزّائد، ونحن ندخل الجنّة بفضل الله سبحانه وتعالى، ولا ندخلها بموجب حسنات أعمالنا، وكلّ ما نفعل من حسنات لا تتساوى أمام نعمة واحدة من نعم الله علينا، لذلك قال سبحانه وتعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس]، إذاً هو فضل، والفضل فوق العدل، والمولى سبحانه وتعالى يذكّر الرّجل والمرأة، يذكّر الأسرة عند الشّقاق وعند الطّلاق أن لا ننسى الفضل، ليست القضيّة فقط قضيّة عدل بالنّسبة للحقوق بين الرّجل والمرأة، لكنّها أرفع وأسمى وأعلى وأعظم في بناء العلاقات الإنسانيّة وفي بناء علاقات الزّواج بين الرّجل والمرأة، والحفاظ على حقوق المرأة والطّفل والرّضيع، فذكّر الله سبحانه وتعالى النّاس في ختام هذه الآية بأن يشيع الفضل بينهم وهذا هو المطلوب.

الآية رقم (248) - وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ

(وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ): إنّ الله يريد أن يؤيّد هذا الملك الـمُختار من عنده بمعجزة تثبت أنّه الملك المرسل، ليس رسولاً بل هو واحد منهم، لكن اختاره المولى سبحانه وتعالى، والمعجزة الّتي معه: (أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ)، معجزة ملكه: (أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ) ما هذا التّابوت؟ أين سمعنا عنه؟ عندما خافت أمّ موسى عليه أوحى الله تعالى إليها: (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ) [طه: من الآية 39]، إذاً التّابوت الّذي ذُكر في القرآن هو التّابوت الّذي وضعت أمّ موسى به موسى وألقته في اليمّ، هو أثر من آثار موسى عليه السَّلام سيأتي به هذا الملك، إذاً آثار الأنبياء وآثار الصّالحين الّتي حطّمها التّكفيريّون والّتي يحطّمون فيها الأضرحة ويحطّمون فيها كلّ ما نراه من آثار إسلاميّة، من الّذي جاء بها؟ من الّذي قال: إنّ (فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ)، عندما يُرى التّابوت الّذي أُلقي فيه موسى وأُلقي بالبحر فإنّ السّكينة والإيمان يملآن كيان الإنسان، كما إنّك عندما ترى القرآن، وعندما ترى شعرة من شعرات النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فتدخل السّكينة إلى قلبك، عندما ترى خاتم النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم تدخل السّكينة إلى قلبك، عندما ترى المصحف الّذي نزل عليه دم سيّدنا عثمان رضي الله عنه، رغم وجود كلّ المصاحف لكن تصوّر بأنّك فتحت هذا المصحف، وقيل لك: هذا مصحف عثمان الّذي كان بين يديه يقرأ به عندما قُتل، فكيف تكون السّكينة والإيمان؟ إذاً هذه آثار الأنبياء والأولياء والصّالحين تُنزل السّكينة على القلوب، والله يقول ذلك ولسنا نحن الّذين نقول، والوهّابيّة حاربت كلّ هذا، وهذا أكبر ردّ عليهم.