الآية رقم (188) - لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
الحسبان للأمر أن يظنّه السّامع دون حقيقته.
﴿لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ﴾: هم يفعلون أشياء سيّئة كما فعل اليهود والمشركون في غزوة أُحُد، فلقد خذّلوا النّاس وفرّوا من المعركة وهم فرحون، وإن قاموا بعمل يفرحون بأنّهم فعلوا كذا وفعلوا كذا، ويحبّون أن يحمدوا على فعله، لكنّهم حقيقة لم يفعلوا شيئاً.
﴿فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى بصير بالعباد، ومطّلع على الصّغائر وعلى الأعمال، وهناك قانون عامّ يقضي بأنّ الإنسان يحبّ أن يحمد بما يفعل، وفي هذا تشجيع للإنسان أن يفعل الخير، أمّا إن أضمر الشّرّ وأراد أن يُحمد على ما لم يفعل، ولا يبتغي من وراء عمله إلّا المدح والظّهور في المجتمع فهذا الأمر لا يقرّه الإسلام أبداً.
الآية رقم (4) - وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا
﴿صَدُقَاتِهِنَّ﴾: والصِّداق: هو المهر.
﴿نِحْلَةً﴾: عطاء، هديّة.
فالمهر ليس ثمناً للمرأة إنّما هو تكريم لها، جعل الإسلام هذا المهر نحلة أو هدية تقدّم من أجل أن تدوم مشاعر الحبّ والودّ بين الرّجل والمرأة.
﴿فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا﴾: تنازلن عنه أو أَعطَين جزءاً منه.
﴿فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا﴾: هنيء عند الأكل ومريء بنتائج هذا الأكل، أنت قدّمت هذا المهر كهدية وتكريم للمرأة وليس ثمناً لها، والمرأة لا تقدَّر بثمن، فالإنسان مكرّم عند الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: من الآية 70]، ﴿فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا﴾ أي تركن لكم جزءاً منه، فعندما تأخذونه يكون هنيئاً وعند صرفه يكون مريئاً. والطّعام المريء: المقبول السّائغ.
الآية رقم (20) - وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً
﴿قِنطَارًا﴾: القنطار يُطلق على الكميّة الكبيرة من المال، والمراد به هنا المهر.
﴿فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا﴾: يشدّد هنا على حقوق المرأة الماليّة.
﴿أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً﴾: عندما يحدث الكره ويحدث الطّلاق قد يتّهم الزّوج المرّأة بعرضها ويستحلّ مالها، لذلك جاءت الآيات واضحة في ضبط هذا الموضوع لصالح حقوق المرأة.
وممّا ذُكِر عن القنطار بالمهور أنّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه خطب النّاس، فحمد الله سبحانه وتعالى وأثنى عليه وقال: “ألا لا تغالوا في صداق النّساء، فإنّه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أو سيق إليه إلّا جعلت فضل ذلك في بيت المال”، ثمّ نزل فعرضت له امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين! أكتاب الله سبحانه وتعالىأحقّ أن يُتّبع أو قولك؟ قال: “بل كتاب الله سبحانه وتعالى، فما ذاك؟”، قالت: نهيت النّاس آنفاً أن يغالوا في صداق النّساء والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا﴾، فقال عمر رضي الله عنه: “كلّ أحد أفقه من عمر” مرّتين أو ثلاثاً، ثمّ رجع إلى المنبر فقال للنّاس: “إنّي كنت نهيتكم أن تغالوا في صداق النّساء ألا فليفعل رجل في ماله ما بدا له”([1]).
([1]) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الصّداق، باب 2، الحديث رقم (14114).
الآية رقم (189) - وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
بعد كلّ ما ذكره المولى سبحانه وتعالى عن غزوة أُحُد ومخالفة الرّماة وعن الشّهادة وعن فعل اليهود ومؤامراتهم وعن مكرهم وضلالهم وحقدهم أراد الله أن يُعلّم البشر أنّه لا يجري شيء في ملكه إلّا بأمره، وهو قانون عامّ:
﴿وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾: له الملكيّة وله القدرة، هذا قانون حتّى يطمئنّ المؤمن، وحتّى يُنذر المشرك والكافر والجاحد بأنّ هذا ملك الله وهذه قدرته، وأنّه يملك كلّ شيء، ولا شيء في ملكه خارج عن قدرته.
﴿وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾: يملك ويقدر وهو الوحيد الفعّال لما يريد، وهو يملك السّماوات ويملك الأرض، ويقول سبحانه وتعالى في آيات أخرى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران]، يملك من يملك أيضاً، فملوك الأرض يعتقدون أنّهم يملكون، والله مالك الـمُلك، يملك السّماوات والأرض، ومَن في السّماوات ومَن في الأرض.
الآية رقم (5) - وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا
﴿السُّفَهَاء﴾: ضعيف العقل يسمّى سفيهاً، وهو مَن لا يستطيع أن يدير ماله في شؤون هذه الحياة، فيكون وليّه هو الّذي يدير المال له.
﴿جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً﴾: الّتي أنتم قائمون عليها كوصاية أو ولاية.
﴿وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ﴾: الرّزق والكسوة مطلوبان فيما يتعلّق بهؤلاء السّفهاء، لكن إدارة المال تكون لمن هو وليّ أو وصيّ.
﴿وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا﴾: في دين الإسلام ليس هناك إلّا قول المعروف، ولا إلّا ما هو خير.
الآية رقم (21) - وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا
ما أعظم هذه العلاقة المتينة الّتي ربط الله بها المرأة والرّجل في الزّواج، الإفضاء: اتّصال واسع بينك وبين زوجتك بالأنفاس والطّعام والمعاشرة..
﴿وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾: الميثاق: هو العهد بين اثنين، إذاً جعل الله عقد الزّواج ميثاقاً غليظاً، لذلك نقول للّذين يتلاعبون بعقود الزّواج وما يتعلّق بها: إنّ الله نصّ في القرآن الكريم على أنّ عقد الزّواج هو ميثاق عهد بين اثنين، عهدٌ غليظٌ قويٌّ شديدٌ متينٌ، وعقد الزّواج له شروط كما هو معروف، فلا بدّ من الإيجاب والقبول بين الشّريكين، ولا بدّ من المهر، ولا بدّ من الشّهود، ولا بدّ من الإشهار حتّى يكون الأمر واضحاً، لذلك نحن نقول: إنّ عقد الزّواج هو عقد غليظ غلّظه الله سبحانه وتعالىوشدّد عليه حتّى لا يعتريه في أيّ لحظة ضعف ووهن، والنّبيّ بيّن أبعاد العلاقة الّتي رُبطت بهذا الميثاق الغليظ في حجّة الوداع فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَمّا بَعْدُ أَيّهَا النّاسُ، فَإِنّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقّاً، وَلَهُنّ عَلَيْكُمْ حَقّاً، لَكُمْ عَلَيْهِنّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ وَعَلَيْهِنّ أَنْ لَا يَأْتِينَ بِفَاحِشَةِ مُبَيّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَإِنّ اللّهَ قَدْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تَهْجُرُوهُنّ فِي الْمَضَاجِعِ وَتَضْرِبُوهُنّ ضَرْباً غَيْرَ مُبَرّحٍ، فَإِنْ انْتَهَيْنَ فَلَهُنّ رِزْقُهُنّ وَكُسْوَتُهُنّ بِالْمَعْرُوفِ، وَاسْتَوْصُوا بِالنّسَاءِ خَيْراً، فَإِنّهُنّ عِنْدَكُمْ عَوَان لَا يَمْلِكْنَ لِأَنْفُسِهِنّ شَيْئاً، وَإِنّكُمْ إنّمَا أَخَذْتُمُوهُنّ بِأَمَانَةِ اللّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنّ بِكَلِمَاتِ اللّهِ، فَاعْقِلُوا أَيّهَا النّاسُ قَوْلِي، فَإِنّي قَدْ بَلّغْت»([1])، هل هناك تشريع في الدّنيا يعطي الزّوجة هذه الحقوق الّتي بيّنها النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم؟ وعليك أيّها المؤمن أن تعامل زوجتك كما كان صلَّى الله عليه وسلَّم يعامل زوجاته، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»([2])، وكان النّبيّ في عمل أهله في داخل المنزل، وكان يساعد زوجاته في كلّ أمر من الأمور، فهل من الإنصاف أن يهضم رجل حقوق المرأة بعد هذه الشّراكة وهذا الإفضاء الواسع؟!
أيّ قوانين أو تشريعات على وجه الأرض ممكن أن تعطي السّعادة الزّوجيّة وحقوق المرأة أكثر من هذه الآيات ومن هذه الأحاديث النّبويّة الصّحيحة الّتي وردت عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟!
([1]) سيرة ابن هشام: ج2، ص 603-605.
([2]) سنن التّرمذيّ: كتاب المناقب، باب فضل أزواج النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، الحديث رقم (3895).
الآية رقم (190) - إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ
سئلت السيّدة عائشة رضي الله عنها: أخبرينا بأعجب شيء رأيتِه من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: فسكتت ثمّ قالت: لـمّا كان ليلة من اللّيالي قال: «يا عائشة، ذريني أتعبّد اللّيلة لربّي»، قلت: والله إنّي لأحبّ قربك وأحبّ ما سرّك، قالت: قام فتطهّر ثمّ قام يصلّي، قالت: فلم يزل يبكي حتّى بلّ حجره، قالت: ثمّ بكى فلم يزل يبكي حتّى بلّ لحيته، قالت: ثمّ بكى فلم يزل يبكي حتّى بلّ الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصّلاة فلمّا رآه يبكي قال: يا رسول الله، لمَ تبكي وقد غفر الله لك ما تقدّم وما تأخّر؟ قال: «أفلا أكون عبداً شكوراً، لقد نزلت عليّ اللّيلة آية، ويل لمن قرأها ولم يتفكّر فيها: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ﴾ﱢ»([1]).
إذاً علينا بهدوء ورويّة أن نتفكّر بها، وأن نتأمّلها كما كان النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
الآية رقم (6) - وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا
﴿وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى﴾: لا تنتظروا أن يصل اليتيم إلى سنّ الرّشد حتّى تختبروه وتدرّبوه على إدارة المال.
﴿حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾: أي أعطوهم الأموال الّتي كنتم أوصياء عليها لإدارتها قبل بلوغهم سنّ الرّشد.
﴿وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ﴾: لا تسرفوا بأموالهم أو أن تبادروا بصرفها قبل أن يكبروا ويصبحوا في سنّ الرّشد.
الآية رقم (22) - وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً
الآن نأتي للمحرّمات بالنّسبة للزّواج، وهي تتعلّق بالفطر السّليمة والخُلق القويم والسّلوك الرّشيد، فالحكم الشّرعيّ هو حكم لصالح الإنسان ولتكريمه.
أوّل المحرّمات أن تتزوّجوا ما تزوّج آباؤكم من النّساء إلّا ما قد سلف، أي ما مضى سابقاً، فقبل نزول هذه الآيات إن توفّي الرّجل وكان متزوّجاً يستطيع الابن أن يتزوّج زوجة الأب، وعندما جاء الإسلام حرّم هذا، فزوجة الأب بمثابة الأمّ لا يحلّ له أن يتزوّجها.
﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا﴾: حتّى إنّهم يسمّونه زواج مقت، والولد الّذي يأتي من هذا الزّواج يسمّونه المقت، فهذا الأمر حتّى الفطرة تشمئزّ منه، فهو أمر فاحش وغير أخلاقيّ وممقوت ومرفوض.
﴿وَسَاء سَبِيلاً﴾: أي ساء طريقاً.
بعد ذلك يعدّد ما يحرم على الإنسان من النّسب وما يحرم من الرّضاعة في هذه الآية التّالية:
الآية رقم (191) - الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
إذاً الذّكر يصاحب الفكر، وهذا دليلٌ على أنّ أوّل مَن يجب أن يتوصّل إلى العلوم، وأوّل من يجب أن يكون مخترعاً ومكتشفاً وحضاريّاً وعلميّاً هو المؤمن؛ لأنّه مُطالب بذلك من خلال القرآن الكريم.
﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ﴾: قيل في تفسيرها: إنّ المقصود هو الصّلاة، فالصّلاة لا تسقط في حال من الأحوال، فإن لم تستطعها قائماً صلّيتها قاعداً، وإن لم تستطعها قاعداً صلّيتها مستلقياً، والصّلاة هي الذّكر؛ لأنّك تذكر المولى خلالها، والذّكر ضدّ النّسيان، أي إنّي جعلت الله تعالى في بالي بشكل دائم، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك»([1]).
الآية رقم (7) - لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا
ما أحوجنا أن نتدبّر القرآن الكريم ونرى حقائق ديننا الإسلاميّ العظيم الّذي شُوِّهت معالمه من خلال تصرّفات الإرهابيّين والتّكفيريّين الّذين أرادوا للإسلام أن يكون ستاراً لجرائمهم وحقدهم على الإنسانيّة وعلى الأخلاق وعلى القيم، والإسلام إنّما جاء بقيم ثابتة وردت في كتاب الله، وتُستنبط من كتاب الله وسنّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، لا بدّ لنا أن نعقلها حتّى نعلم أنّ كلّ هذا التّشويه وكلّ هذه الأحقاد الصّهيونيّة المضمرة عبر الزّمن إنّما نفذّت من خلال أولئك المتآمرين المتربّصين بأمّتنا، وقد استخدموا الإسلام كستار للجرائم فحوّلوه من دين اللّطف إلى العنف، من دين العطاء إلى المنع، حوّلوه من دين جمع الكلمة إلى تفريق البلاد والعباد، وبتروا الآيات والأحاديث وشوّهوا وبدّلوا معالم الدّين، فكان لا بدّ لنا من أن نفسّر ونتدبّر القرآن الكريم على حقيقة ما أنزله الله سبحانه وتعالىبعيداً عن إسقاطاتهم المنحرفة الضّالّة الّتي رأيناها، لأكثر من ألف عام كان العالم في ظلام دامس وفي ضلالة وجاهليّة عمياء، فأخرجهم الإسلام من الظّلمات إلى النّور، وأعطى المرأة حقّها، وحوّلها من أداة للزّينة واللّهو واللّعب إلى شريكة في بناء المجتمع والمستقبل، وهذا ما نراه الآن من خلال هذه الآيات العظيمة.
﴿لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ﴾: هذه القسمة مفروضة من الله عز وجل؛ لأنّ المرأة كانت تُمنَع من الميراث.
الآية رقم (23) - حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
كلّ الأصول والفروع محرّمة، أي الأمّهات وكلّ ما علا من الأصول أمّ الأمّ وأمّ الأب، وبناتكم وهنّ الفروع أي لا يحلّ للإنسان أن يتزوّج من ابنته ولا ابنة ابنته ولا ابنة ابنه هذه الفروع بالتّسلسل، كما يحرم على الإنسان أن يتزوّج من أخواته وعمّاته وخالاته، والنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم حرّم الزّواج من عمّة وخالة الزّوجة أيضاً، وبنات الأخ وبنات الأخت.
﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾: الّتي أرضعتك أصبحت كأمّك، وكلّ ما حُرّم من النّسب حُرّم بالرّضاعة، أي الأمّ وأمّها أي الجدّة، الأمّ وأولادها، الأخوات من الرّضاعة أيضاً من المحرّمات.
﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ﴾: أي أمّ الزّوجة.
﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ﴾: بنت الزّوجة لا يحلّ للرّجل أن يتزوّجها.
الآية رقم (192) - رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ
الخزي يكون لمن مآله إلى النّار؛ لأنّ هذا الإنسان العاصي أو هذا الإنسان المشرك أو هذا الإنسان الملحد مصيره إلى النّار.
﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾: الّذين يظلمون النّاس والذين يظلمون أنفسهم، فليس لهم من ينصرهم يوم القيامة.
الآية رقم (8) - وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا
عند توزيع الأموال إذا حضر بعض الأقرباء الّذين لا يرثون أو اليتامى أو المساكين فأعطوهم منه.
﴿وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا﴾: لا يكفي أن تعطي من مال الله الّذي أعطاك، وخصوصاً مال الميراث، بل يجب أن ترفق هذا المال الّذي تعطيه بالقول المعروف، يجب ألّا يُتبع المنفق صدقته بالأذى.ش
الآية رقم (193) - رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ
مَن الّذي سمعناه ينادي للإيمان؟ إنّه رسول الله، فقد جاء النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وعرّفنا بربّنا وبلّغنا عنه، فأوّل كلمة قالوها: ﴿رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ﴾ إذاً هذا النّداء الّذي أطلقه النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم منذ ذلك الوقت، وقد بلغنا ببلوغ القرآن وسنّة وهدي نبيّنا إلينا، وأيضاً نداء الإيمان مركوز في فطرتنا قبل نزول الرّسل: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف].
﴿فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا﴾: فماذا ينتظر مَنْ جَمحت به نفسه؟ «كلّ بني آدم خطّاء، وخير الخطّائين التّوّابون»([1])
الآية رقم (9) - وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا
كأنّ الله جل جلاله يقول: إنّك تستطيع وأنت موجود أن تعطي للضّعاف قوّة من خلال تمسّكك بمنهج الله، والإنسان بطبيعته يخشى على ذريّته، فإذا تعامل مع الأيتام كما أمر الله وأنفق عليهم كان هذا هو الحصن له حين يترك مِن خلفه ذريّة ضعافاً، بدليل ما جاء في سورة (الكهف) عن قصّة الرّجل الصّالح مع سيّدنا موسى عليه السلام: ﴿فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ﴾ [الكهف: من الآية 77]، دخلا قرية وكانا جائعين فاستطعما أهلها فرفضوا إطعامهما، ووجدا جداراً يريد أن ينقضّ فبناه الرّجل الصّالح، فاستغرب سيّدنا موسى: ﴿قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ [الكهف: من الآية 77]، ففي البيان الّذي ورد بعد ذلك في سورة (الكهف): ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا﴾ [الكهف]
الآية رقم (194) - رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ
يا ربّ آتنا ما وعدتنا من نعيم ومن رضوان، وما جاء به الرّسل وبشّرونا به بعد أن تغفر لنا ذنوبنا وتكفّر عنّا سيئاتنا يوم القيامة، ولا تخزنا يوم القيامة؛ لأنّك يا ربّ أنت الفعّال لما يريد، وأنت الوحيد الّذي لا تخلف الميعاد، هذا الدّعاء جاء بعد الفكر والذّكر.
الآية رقم (10) - إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا
اليتيم في المجتمع مكفول بمنهج الله، فالذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً يأكلون في بطونهم ناراً، وقد تكون ناراً في الحياة الدّنيا قبل عذاب الآخرة وسيصلَون -لا شكّ- سعيراً، وهذا تشديد في الوعيد من الله لمن يأكل أموال الأيتام.
الآية رقم (195) - فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ
﴿لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ﴾: قال: عمل عامل لا قول قائل، فالقضيّة تحتاج إلى أعمال، فعندما استجاب هذا الدّعاء الصّادق من المؤمنين الّذين ارتقوا بأرواحهم وبأنفسهم وطلبوا المغفرة من الله وتكفير السّيّئات، استجاب لهم ربّهم: ﴿أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ﴾: فكان الجواب على ما تقدّم عمل وليس قول، فلا بدّ من برهان عندما تتقدّم للدّعاء، لا بدّ أن تقدّم العمل، والإسلام لا يقبل من الإنسان الكلام من دون مصداق وترجمان، والتّرجمان كما قال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «الإيمان ما وقر في القلب وصدّقه العمل»([1])، فيجب عدم الفصل بين الشّعائر والمقاصد، فإذا لم تؤدّ الشّعائر إلى المقاصد فإنّها لم تزدك من الله إلّا بعداً كما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلّا بعداً»([2])، «ربّ صائم ليس له من صيامه إلّا الجوع، وربّ قائم ليس له من قيامه إلّا السّهر»([3])، لذلك قال المولى سبحانه وتعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم﴾ القضيّة قضيّة عمل، والعمل هو: قول وفعل.
الآية رقم (11) - يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا
هنا بدأت الآيات المتعلّقة بأحكام الميراث، وهذه آيات مهمّة جدّاً سنتعامل معها بشيء من العموميّة؛ لأنّ تفصيل أحكام الميراث هو مجال تخصّصيّ، وهو علم خاصّ اسمه علم المواريث أو علم الفرائض.
﴿يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾: كلّ المشكّكين في الإسلام يرون أنّ الإسلام جعل المرأة نصف الرّجل، ويستدلّون بهذه الآية، ونقول لهم عكس ذلك تماماً، فأكبر دليل على حقوق المرأة هو هذه الآية، بل وأضف إلى ذلك أكبر دليل على أنّ المرأة أخذت أكثر من الرّجل هذه الآية: ﴿يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾، حصّة الأنثى هي الأكثر وهي الأساس، لماذا؟ لأنه لدينا في الحالات الّتي توزّع فيها أنصبة المواريث ثلاث وثلاثون حالة تأخذ فيها المرأة أكثر من الرّجل، وحالة واحدة يكون لها نصف نصيب الذّكر، فمن لا يعرف هذا الكلام لا يحقّ له أن يتهجّم على الإسلام.