يكشف الحقّ سبحانه وتعالى لرسوله وللمؤمنين خداع اليهود الّذين تآمروا أن يؤمنوا وجه النّهار ويكفروا آخره، فقد طالب المتآمرون بعضهم بعضاً أن يظلّ الأمر سرّاً حتّى لا يفقد المكر هدفه وهو بلبلة المسلمين من الأمّيّين؛ لذلك قالوا: لا تكشفوا سرّ هذه الخدعة إلّا لمن هو على شاكلتكم، لكنّ الله كشفهم بإنزال هذه الآية على نبيّه محمَّد صلَّى الله عليه وسلّم.
جزء : 3
الآية رقم (84) - قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
(قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ): قل: تقتضي أن يأتي بعدها بصيغة المفرد، تقتضي أن يأتي بعدها: (آمنت)، لكن في القرآن الكريم كلّ كلمة جاذبة لمعناها، فالقرآن الكريم خطابٌ للنّبيّ صلَّى الله عليه وسلّم، وكلّ خطابٍ للنّبيّ صلَّى الله عليه وسلّم مأمورةٌ به أمّة النّبيّ؛ لذلك: (قُلْ آمَنَّا)، وليس (قل: آمنت).
(وَمَا أُنْزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ): أرأيتم وحدة الرّسالات السّماويّة؟
والأسباط: هم بطون بني إسرائيل المتشعّبة من أولاد إسرائيل -وهو يعقوب- الاثني عشر.
(وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ): كلّنا له خاضعون.
الآية رقم (63) - فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ
(فَإِن تَوَلَّوْا): التّولّي عكس الإقبال، إمّا أن تُقبل على الشّيء وتَقبل به، وإمّا تتولّى وتُعرض.
(فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ): يريدون الإفساد ولا يريدون الحجّة والنّقاش والعقل والعلم والدّليل أنّ عيسى عليه السلام خلقه الله سبحانه وتعالى من غير أب.
الآية رقم (74) - يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
ليس لأحد حقّ على الله، فهو سبحانه وتعالى يُعطي رحمته بالإيمان بمنهجه لمن يشاء، وهو صاحب الفضل المطلق.
الآية رقم (85) - وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ): من سلك طريقاً سوى ما شرعه الله سبحانه وتعالى فلن يُقبل منه، كما قال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلّم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ»([1]).
([1]) صحيح مسلم: كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة وردّ محدثات الأمور، الحديث رقم (1718).
الآية رقم (64) - قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
وهذه آية عظيمة فالإسلام والقرآن الكريم يكرّم السّيّدة مريم العذراء والسّيّد المسيح، ويريد أيضاً أن يكون هناك توحيد للكلمة بين المسلمين والمسيحيّين، واجتماع الكلمة يكون على أن نعبد الله وحده، ولا نُشرك به أحداً.
(وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ): أي لا نجعل من بعضنا مشرِّعين يضعون الحلال والحرام، فذلك إنّما يكون من عند الله سبحانه وتعالى فقط.
الآية رقم (75) - وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
(بِقِنطَارٍ): القنطار هو: القدر الكبير من المال.
(يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ): قيل: المقصود هنا النّصارى.
(وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ): قيل: المقصود هنا اليهود.
(إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا): أي لا يؤدّي الأمانة إلّا بعد الملاحقة.
(ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ): المقصود بالأمّيّين أهل مكّة والموجودون في المدينة، والكلام هنا عن اليهود والمسلمين. فاليهود يقولون: لا نرجع الأمانات للأمّيّين، فهم شرّعوا لأنفسهم التّفرقة في أداء الأمانة بين الأمّيّين وبين مَن كان على دينهم.
(وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ): يعلمون أنّه كذب وينسبون ذلك لله، سبحانه وتعالى عمّا يقولون علّواً كبيراً، يقولون: إنّهم شعب الله المختار وهم كاذبون.
الآية رقم (86) - كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
سبب النّزول: عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: كان رجلٌ من الأنصار أسلم ثمّ ارتدّ ولحق بالشّرك، ثمّ ندم، فأرسل إلى قومه: أن سَلوا لي رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم: هل لي من توبة؟ قال: فنزلت: (كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ) إلى قوله: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
(كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ) أي: قامت عليهم الحجج والبراهين على صدق ما جاءهم به الرّسول، ووضح لهم الأمر، ثمّ ارتدّوا إلى ظلمة الشّرك، فكيف يستحقّ هؤلاء الهداية بعد ما تلبّسوا به من العماية؟! ولهذا قال بعدها: (وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
الآية رقم (65) - يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
إنّ إبراهيم عليه السلام لا يمكن أن يكون يهوديّاً كما يدّعي اليهود، فاليهوديّة جاءت من بعده، وكذلك النّصرانيّة، فلمَ المحاجّة إذاً؟ لقد أُنزلت التّوراة والإنجيل من بعد إبراهيم عليه السلام، فكيف يكون تابعاً لهما؟!
الآية رقم (76) - بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ
جاء قوله تعالى: (بَلَى) لينقض ادّعاء اليهود أنّه ليس عليهم في الأمّيّين سبيل.
الآية رقم (87) - أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ
أي: يلعنهم الله ويلعنهم خلقه، واللّعنة: هي الطّرد من الرّحمة.
الآية رقم (66) - هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
والخطاب ما زال مستمرّاً لبني إسرائيل، يقول الله سبحانه وتعالى لهم: لقد جادلتم فيما بقي عندكم من التّوراة، وتريدون أن تأخذوا الجدل على أنّه باب مفتوح، فتجادلوا في كلّ شيء، وأنتم لا تعلمون ما يعلمه عالم الغيب والشّهادة جلّ وعلا.
الآية رقم (77) - إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
عهد الله: المقصود به العهد الموجود في التّوراة. فإذاً كلّ ما آمنوا به بالنّسبة للتّوراة وما جاء فيها من أوصاف النّبيّ صلَّى الله عليه وسلّم ووجوب اتّباعه حين بعثته نقضوه واشتروا به ثمناً قليلاً، فما هو الثّمن القليل؟
سبب النّزول:
قيل: إنّ جماعة في عهد جدب ومجاعة دخلت على كعب بن الأشرف اليهوديّ يطلبون منه الميرة -أي الطّعام- فقال لهم: هل تعلمون أنّ هذا الرّجل رسول الله؟ قالوا: نعم، قال: إنّي هممت أن أطعمكم وأن أكسوكم، ولكنّ الله حرمكم خيراً كثيراً، فتساءلوا: لماذا؟ فكانت الإجابة: لقد أعلنتم الإيمان بمحمّد، فلمّا وجدوا أنفسهم في هذا الموقف، قالوا لكعب ابن الأشرف: دعنا فترة؛ لأنّه ربّما غلبتنا شبهة، فلنراجع فيها أنفسنا، وعندما مرّت الفترة فضّلوا الطّعام والكسوة على الإيمان، وقالوا لكعب بن الأشرف: لقد قرأنا في كتبنا الموجودة لدينا خطأ، ومحمّد ليس رسولاً، فأعطاهم القوت والكسوة. وهؤلاء هم الّذين اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً، وهو الطّعام والكسوة.
الآية رقم (88) - خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ
(خَالِدِينَ فِيهَا): أي: في اللّعنة.
(لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ) أي: لا يفتّر عنهم العذاب ولا يخفّف عنهم ساعة واحدة.
الآية رقم (67) - مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
(ما كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا): وهذا تأكيد أنّ إبراهيم عليه السلام لم يكن يهوديّاً؛ لأنّ اليهوديّة جاءت من بعده، ولم يكن نصرانيّاً؛ لأنّ النّصرانيّة جاءت من بعده.
(وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا): معنى حنيفاً أي مائلاً عن الشّرك إلى التّوحيد.
الآية رقم (78) - وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
أي إنّهم يلوون ألسنتهم بالكلام الصّادر عن الله سبحانه وتعالى ليحرّفوه عن معانيه، واللّي: هو الفتل، فكانوا يلوون ألسنتهم بكلام يدّعون أنّه من المنهج المنزل من عند الله سبحانه وتعالى ، وما هو بذلك، ولكنّهم يفعلون ذلك للتّنقيص من مكانة الإسلام والطّعن على الرّسول صلَّى الله عليه وسلّم، كما قالوا من قبل: (رَاعِنَا) [البقرة: من الآية 104]؛ لذلك قال الله سبحانه وتعالى مُخاطباً المؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [البقرة]، وكذلك حرّفوا فقالوا: (وقولوا: حنطة)، وهم قد فعلوا ذلك حتّى نحسب هذا التّحريف من الكتاب، وما هو من الكتاب.
الآية رقم (89) - إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ
وهذا من لطفه سبحانه وتعالى وبرّه ورأفته ورحمته بخلقه: أنّه من تاب إليه تاب عليه. وقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده أن يتوبوا إليه توبة نصوحاً، أي توبة صادقة خالصة لا رجوع فيها، وقد قال صلَّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله عزَّ وجلّ يبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل، ويبسط يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار حتّى تطلع الشّمس من مغربها»([1]).
([1]) مسند أحمد بن حنبل: مسند الكوفيّين، حديث أبي موسى الأشعريّ، الحديث رقم (19635).
الآية رقم (68) - إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ
(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) فأولى النّاس بإبراهيم عليه السلام ليس الّذين جاؤوا من ذريّته، بل الّذين اتّبعوه، ونبيّنا محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم قد اتّبع إبراهيم؛ لذلك لا علاقة لإبراهيم بمن جاء من نسله ممّن حرّفوا المنهج ولم يواصلوا الإيمان، فقد حسم الله سبحانه وتعالى هذه القضية مع إبراهيم عليه السلام عندما قال سبحانه وتعالى: (وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) [البقرة].
الآية رقم (79) - مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ
(مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ):
(وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ): يوجد قضيّتان تتعلّقان بالكتاب هنا:
1- العلم بالكتاب.
2- ودراسة الكتاب.
فإذاً العلم شيء والدّراسة شيء آخر، فالدّراسة هي بحث فكريّ.
الآية رقم (90) - إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ
يقول سبحانه وتعالى متوعّداً ومهدّداً لمن كفر بعد إيمانه ثمّ ازداد كفراً، أي: استمرّ عليه إلى الممات، ومخبراً أنّه لا يقبل لهم توبة عند مماتهم، كما في قوله تبارك وتعالى: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) [النّساء].
(الضَّالُّونَ): أي: الخارجون عن المنهج الحقّ إلى طريق الغيّ.