الآية رقم (238) - حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ

كانت الآيات تتحدّث عن الطّلاق ثمّ دخلت آية لا تتعلّق بأحكام الأسرة ولا بأحكام الطّلاق، وإنّما هذه الآية تتعلّق بالصّلاة: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ)، فلو كان القرآن من وضع إنسان فإنّه يتوخّى أن يكون هناك تسلسل في المواضيع، هذا لو كان من لدن بشر، فأمّا وأنّه إعجاز وهو من ربّ البشر، فالسّياق يختلف؛ لأنّ هناك وحدة في التّكاليف الإيمانيّة أوّلاً، وطالما أنّ الحديث عن الطّلاق وهو أبغض الحلال عند الله، وطالما أنّ الطّلاق يؤدّي إلى تنافر وإلى شقاق، فيحتاج المجتمع وتحتاج المرأة ويحتاج الرّجل وتحتاج الأسرة إلى السّكينة أمام هذا الشّقاق، فما الّذي يحقّق السّكينة في المجتمع ويُسبل ثوب القبول والاطمئنان والرّضى على الإنسان؟

إنّها الصّلاة، لذلك كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا حزبه أمر كان يفزع إلى الصّلاة، وكان يقول: «يا بلال، أقم الصّلاة، أرحنا بها»([1])،  إذاً أرحنا بها من كلّ هموم الحياة، فكيف إذا كان الهمّ هو همّ انفصام عرى الأسرة، ومشاكل بين الرّجل والمرأة، ومشاكل داخل الأسرة، فإذاً لا بدّ من اللّجوء إلى الله سبحانه وتعالى الّذي شرع الطّلاق وشرع أحكام الطّلاق، لنعيد التّوازن إلى النّفوس فيعود الاطمئنان إلى قلب الرّجل والمرأة.

الآية رقم (249) - فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ

كلّ قصّة لها زمن ولها أحداث ولها أشخاص، لم يحدّد المولى سبحانه وتعالى من هو النّبيّ أو زمن النبّي، وإنّما بدأت هنا الآيات تبرز بعض الأسماء أمامنا، الاسم الأوّل هو طالوت الّذي آتاه الله سبحانه وتعالى الـمُلك؛ لأنّ بني إسرائيل هم طلبوا أن يكون لهم ملك حتّى يقاتلوا، وهذا يبيّن بأنّ هناك نبيّ وهناك مَلِك يباشر مهام وإدارة الأمور الدّنيويّة في ذلك الوقت، لم يتوقف القرآن الكريم عند الزّمن تحديداً من أجل العبرة من القصّة، والقصّة القرآنية في معظم الأحيان لا تهتمّ بشخص بذاته لتأخذ المؤمن إلى الجانب الّذي يريده الله سبحانه وتعالى وليس إلى الجانب المعتاد عليه من قبل البشر، فالبشر يهتمّون بالبطل، بالشّخصيات، بالزّمن، بالأعداد، بالأماكن.. ولكن الله سبحانه وتعالى يبهم الزّمان ويبهم المكان ويبهم الشّخصيّات أيضاً إلّا بعض الشّخصيّات، تحديداً عندما لا تتكرّر القصّة، فعندما يذكر فرعون لم يحدّد أهو تحوتمس أم رمسيس الأوّل أم رمسيس الثّاني؟ فرعون ملك من ملوك مصر، وهكذا أصحاب الكهف لم يذكر العدد بل ترك النّاس في حيرة من عددهم؛ لأنّ الغاية ليست هي العدد وليس هو الزّمان وليس هم الأشخاص وليس المكان، العبرة الإيمانيّة الّتي تتكرّر هي المقصودة، المهم هنا أنّ الله سبحانه وتعالى اختار لهم طالوت وزاده بسطة في العلم والجسم، وأتت معه آية هي التّابوت وفيه عصا سيّدنا موسى سبحانه وتعالى.

الآية رقم (228) - وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ

التّشريع الإسلاميّ جاء من أجل الإنسان وكرامته وحقوقه، منهج الله تبارك وتعالى هو المنهج القويم الّذي يحقّق الغاية في سعادتَي الدّنيا والآخرة، للمرأة وللرّجل على السّواء، والطّلاق شرّعه الله حفاظاً وصيانة للمجتمع؛ لأنّ امتزاج شخصين امتزاجاً كاملاً يعتريه في بعض الأحيان ما يفسده، فإن لم يكن هناك مجال للإصلاح والتّمهّل والعودة والتّفاهم، فإنّ الحلّ يكون بالطّلاق وبانفصال الشّريكين عن بعضهما في حياتهما المشتركة منذ بدايتها كشراكة إنسانيّة، في بناء الأسرة والعيش المشترك، فشرع الله الطّلاق لهذه الضّرورة، وإذا نجحت الحياة الزّوجيّة في بعض الأسر، وساد التّفاهم والحبّ بين الزّوجين، قد لا تنجح في أُسر أخرى، ولا بين كلّ زوجين، وليست كلّ علاقة زوجيّة المثال الكامل للسّعادة بين الرّجل والمرأة، ولا بدّ من أن يحدث الخلاف وتضارب الأهواء والميول في بعض الأحيان، فإمّا أن يصطلحا وهو الأفضل و«أبغض الحلال إلى الله عزَّ وجلّ الطّلاق»([1])، كما قال نبيّنا صلَّى الله عليه وسلَّم صحيح أنّه هو أبغض الحلال، لكنّه أُحلّ للنّاس في حالات لا يكون العلاج إلّا من خلال الطّلاق، وهنا جاءت هذه الآيات:

الآية رقم (239) - فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ

(فَرِجَالًا) أي راجلين.

(فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا): صلاة الخوف وأحكام صلاة الخوف معلومة بالنّسبة للحرب.

(فَإِذَا أَمِنتُمْ): وتحقّق الأمان. وسنأتي على تفصيل أحكام صلاة الخوف عندما ترد معنا صلاة الخوف في الآيات اللّاحقة من سورة (النّساء).

(فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ): فذكر الله عمدة كلّ العبادات، يعني أنت تصلّي حتّى لا تنسى الله، والذّكر هو ضدّ النّسيان، وحتّى تكون مع الله تعالى، إذاً فذكر الله سبحانه وتعالى هو الغاية وهو الهدف وهو المنطلق وهو الأساس في إقامة كلّ العبادات الّتي شرعها الله سبحانه وتعالى، حتّى تعيش مع الله جلّ وعلا وطبعاً هو ممّا امتنّ به علينا، وممّا علّمنا وشرع لنا.

(كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ): بهذه الآيات وبهذه الأحكام المتعلّقة بشرائع وأحكام الطّلاق والزّواج والنّفقة والمتعة والعدّة وكلّ ما ورد سابقاً من الآيات، يعود المولى سبحانه وتعالى هنا يتابع الحديث عن المطلّقات أو المتوفّى عنها زوجها، إذاً فهو قسم الأمر ليبيّن لنا أمرين، الأوّل: وحدة التّكاليف الإيمانيّة، والثّاني: أنّه بذكر الله يعيش الإنسان حياة هانئة: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرّعد]، إنّ استدامة الولاء لله هو عنوان الصّلاة، يذكِّر المولى سبحانه وتعالى أثناء هذه الأحكام الّتي تتعلّق بالشّقاق وبالخلاف الّذي يحدث بين الرّجل والمرأة بأنّ الطّمأنينة والسّكينة تعود إلى النّفس في حالة الصّلاة، إذاً هذا هو السّبب.

الآية رقم (250) - وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ

عندما برزوا وأصبح الأمر قاب قوسين من التّلاحم في القتال ما بين طالوت والفئة المؤمنة من شعب بني إسرائيل، وجالوت والفئة المشركة من أعدائهم لـمّا برزوا لهم وأصبحوا في ملاقاتهم قالوا: ما هي الوسيلة الّتي تثبت الإيمان والصّبر؟ هي تثبيت الأقدام في القتال: (قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا) أي املأ قلوبنا بالصّبر، (أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا) كأنّما ينزّل عليهم الصّبر تنزيلاً، املأ قلوبنا وأرواحنا وأجسادنا صبراً، وثبّت أقدامنا في القتال وفي المواجهة وفي المعركة.

الآية رقم (229) - الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ

بعد الحديث عن أحكام العدّة بيّن الله سبحانه وتعالى ما شرع من الطّلاق فقال:(الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ): أحكام الشّريعة الإسلاميّة هي للخير والصّلاح، فلا يكون إفساد في المجتمع والبيت والأسرة إلّا من مخالفة الإنسان لمنهج الله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى يدعو إلى السّلام وإلى القيم وإلى الأخلاق وإلى ما يُصلح المجتمعات.

هنا الحديث يتعلّق بالمرأة وبحقوقها، وما يتعلّق ببناء الأسرة وفق هذا الميثاق الغليظ، الّذي هو عقد الزّواج الّذي لا تنحلّ عراه والّذي يتمّ بالإيجاب والقبول وشهادة الشّهود والمهر، هذه أحكام العقد فيبيّن الآن أحكام الطّلاق في حال النّفور الكامل وعدم الطّريق للإصلاح فقال: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ)، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رجل للنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنّي أسمع الله يقول: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ) فأين الثّالثة؟ قال: «فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان هي الثّالثة»([1])، كذا الثّالثة الّتي لا يجوز للرّجل أن يعود بعدها إلّا إذا تزوّجت من غيره، الطّلاق ثلاث مرّات اثنتان لك، والثّالثة ليست لك، هكذا المعنى تماماً لذلك نقول: طَلَّقها بالثّلاثة، الطّلاق بالثّلاثة لماذا ليس باثنين؟ الله سبحانه وتعالى يقول: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ)؛ لأنّ الثّالثة لا تحلّ له بعدها، تلك الثّلاثة، أمّا الاثنان فيجوز إمّا إمساك بمعروف أي العودة أو تسريح بإحسان، أمّا الثّالثة فهي الطّلقة الّتي لا يجوز بعدها عودة، لذلك نحن نقول: إنّ الحكم بالنّسبة للطّلاق لا يجوز للرّجل أن يتلفّظ بألفاظ الطّلاق في جلسة واحدة كأن يقول: أنت طالق أنت طالق أنت طالق، دون مرور زمن لكلّ فترة من هذه الفترات، والّتي هي في الفترة الأولى إمساك بمعروف، وفي الفترة الثّانية تسريح بإحسان، وفي الفترة الثّالثة طلاق بائن، لكن بأزمنة مختلفة حتّى يقع الطّلاق الثّلاث، فلا يعتقد بعضهم الأمر بهذه السّهولة أن يقول: أنتِ طالق طالق طالق، أو: عليّ الطّلاق بالثّلاثة، هذا يمين واحد، وهذه طلقة واحدة، وليست ثلاث طلقات، الثّلاث طلقات يجب أن تكون بأزمنة مختلفة وبأمكنة مختلفة.

الآية رقم (240) - وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

كانت عدَّةُ الوفاة فِي ابتداء الإسلام حَوْلاً كاملاً وكان يَحْرُم على الوارث إخراجُهَا من البيت قبل تمام الحول، وكانت نفقتها وسكنها واجبةٌ فِي مال زوجها تلك السَّنةَ ما لَم تَخرُج، ولم يكن لها الميراث، فإن خرجت من بيت زوجها سقطت نفقتها، وكان على الرّجل أن يُوصِيَ بها، فكان كذلك حتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الميراث، فنسخ اللَّه سبحانه وتعالى نفقةَ الحَول بالرُّبع والثُّمن، ونسخ عدّة الحول بأربعة أشهر وعشراً.

(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ): طبعاً عندما نسمع المتعة والمتاع هنا دائماً تتعلّق بالنّفقة، النّفقة على الزّوجة.

(غَيْرَ إِخْرَاجٍ): أي: لا يجوز لأحد أن يُخرج المرأة من بيت الزّوجيّة بالإكراه.

(فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ): فإذا خرجت فلا يوجد مشكلة لماذا؟ لأنّ هذه وصيّة، وصيّة الحول الكامل أي السّنة الكاملة وصيّة وصّى فيها بأن يسمح لها بأن تبقى ويوصي الزّوج أن تبقى حولاً كاملاً هنا، (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ): فإذا خرجت المرأة بعد العدّة خرجت قبل إتمام العام الكامل فلا يوجد مشكلة في ذلك.

(مِن مَّعْرُوفٍ): الأمر الّذي يريد أن يشيعه الإسلام والقرآن هو المعروف وهو الخير في المجتمع، وليس القسر والإجبار على المرأة، من أجل الحفاظ على حقوق المرأة.

(وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ): لماذا ذيّل الآية هنا بـ (عَزِيزٌ حَكِيمٌ)؟ كلّ تذييل لآية من الآيات يكون هناك حكمة إلهيّة، هنا تشريع يأمر به المولى سبحانه وتعالى أنّه لا يجوز عندما يوصي الرّجل بأن تبقى حولاً كاملاً أن تُخرج المرأة، فإذاً هنا دين، الأحكام الّتي ترد فيما يتعلّق بالطّلاق والعدّة و.. هي دين، وطالما أنّها دين فإذاً الله سبحانه وتعالى يذيّل الآية: (وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ): أي أنّ الله سبحانه وتعالى غنيّ عن عبادة خلقه، العزيز هو المستغني عن عبادة خلقه، والعزيز الّذي لا يُغلب، والعزيز هو من تحتاجه ولا يحتاجك، فإذاً هو مستغن عن عبادة خلقه، فإذاً عزيز وحكيم فيما شرع من أحكام لضبط حركة الطّلاق في المجتمع.

الآية رقم (219) - يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ

ليس القرآن الكريم كتاب فيزياء ولا كيمياء ولا قصّة ولا هو كتاب تاريخ ولا كتاب ثقافة، ليس له أبواب، وليس له فصول، إنّما يتعلّق بحركة الإنسان في الحياة، وضبط حركة الإنسان وفق منهج الله سبحانه وتعالى، نزل القرآن الكريم من اللّوح المحفوظ إلى السّماء الدّنيا ليباشر مهمّته مع سيّدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بعد ذلك، نزل منجّماً حسب الأحداث الّتي كانت تجري، ومنها مادّة السّؤال: يسألونك ماذا؟ يسألونك عن؟ يكون الجواب: قل، باستثناء الآية الّتي فسّرناها: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) [البقرة: من الآية 186]، فهي من غير (قل)؛ لأنّ القرب من الله سبحانه وتعالى لا يقتضي البعد بكلمة ولو كانت من حرفين وهي: (قل)، فالمهمّ هنا: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) ما هو الحكم فيما يتعلّق بأمور الخمر والميسر؟ الخمر من السّتر، وضعت الخمار الّذي تغطّي به محاسنها، تأتي الخمر بمعنى ستر، أي سترٌ للعقلِ، وهذا تعريف الخمر، لماذا؟ لأنّه هو يستر العقل، يُذهب العقل، والميسر من اليسر، يتحصَّل على المال بأيسر الطّرق وأسرعها، وعندما يلعب ورقاً أو نرداً أو أيّ شيء من دون جهد أو تعب ولا علم ولا.. ليحصَّل ما في جيب غيره من دون حركة منه، فهذا اسمه ميسر

الآية رقم (251) - فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ

اختصر القرآن المشهد وأنهاه بين طالوت وجالوت وبين جنودهما بكلمتين: (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ) أي بأمر الله؛ لأنّهم صبروا؛ ولأنّهم اختُبِروا فنجحوا في الإيمان، فملأ الله قلوبهم بالصّبر وثبّت أقدامهم ونصرهم على جالوت وجنوده.

(وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ): هل قتل طالوتُ جالوتَ أم داودُ؟ القرآن الكريم يقول: داود، وهنا أوّل بروز لاسم النّبيّ داود عليه السَّلام في القرآن الكريم، أوّل بروز له في تاريخ شعب بني إسرائيل، القرآن لم يبيّن أين كان؟ ومن هو؟ الواضح أنّ داود كان جنديّاً من جيش طالوت، الّذي هو جيش شعب بني إسرائيل المؤمن، وداود كان صغيراً بالنّسبة لجالوت، لكن الّذي قتل جالوت القويّ والعظيم والجبّار هو داود، إذاً هنا بدأت مرحلة داود الّذي أصبح بعد ذلك نبيّاً وأصبح ملكاً وأصبحت الجبال يسبّحن معه والطّير وألان الله له الحديد، (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) [سبأ]، ثمّ يأتي سليمان بعد ذلك وهو ابنه، إذاً برز اسم داود الصّغير الّذي كان في جيش طالوت وقتل جالوت، (وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ)  إذاً بعد أن تربّى التّربيّة الإيمانيّة، وبعد أن صبر، وبعد أن قاتل، وبعد كلّ تلك المراحل، وبعد أن قتل جالوت، آتاه الله الـمُلك، إذاً هو النّبيّ الملك، (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) [النّمل]، آتاه الله الملك والحكمة وليس فقط المـُلك وإنّما إضافة للمُلك الحكمة، وعندما نسمع الحكمة فإنّنا نذكر

الآية رقم (230) - فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ

بعد أن تحدّث المولى سبحانه وتعالى عن الطّلاق بأنّه مرّتان يقول سبحانه وتعالى: (فَإِن طَلَّقَهَا) هذه الطّلقة الثّالثة.

(فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) هذا حرص من الإسلام على حقوق المرأة وكرامتها، حتّى يمنع الرّجل من أن يتلاعب بموضوع الطّلاق، وحتّى لا يهدّد الطّلاق الحياة الأسريّة عند أيّ هزّة بسيطة أو لأيّ كلمة، فأراد الله سبحانه وتعالى ألّا تكون هذه الكلمة أبداً إلّا بألف حساب، وكما قلنا: الطّلاق مرّتان، وأعطى الفرصة الأولى، ويوجد طلاق رجعيّ وطلاق بينونة صغرى، والبينونة الصّغرى هي الّتي بعد العدّة، وبعد العدّة مهر وعقد جديدان، أمّا إذا كانت الطّلقة الثّالثة فلا الإمساك بمعروف ولا التّسريح بإحسان وكانت الطّلقة الثّالثة، فإذاً هنا الرّجل والمرأة يجب أن يبتعدا ويجب أن تتزوّج المرأة من رجل آخر حتّى تصبح حلالاً له مرّة أخرى، وإلّا لا تحلّ له بعد ذلك، وهذا التّشديد لمنع التّعسّف في الطّلاق، أو ترداد كلمة الطّلاق باستمرار على اللّسان؛ لأنّ الطّلاق يمين السّفهاء.

الآية رقم (241) - وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ

الآية السّابقة (حَقًّا عَلَى الْمُحْسنِين) [البقرة: من الآية 236]، الآن: (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) إذاً كلّ المطلّقات بكلّ أنواع الطّلاق لهنّ متاع بالمعروف، أي نفقة للمطلّقة بكلّ أنواع الطّلاق إن كان هناك دخول أو كان لا يوجد دخول، إن كانت المطلّقة حاملاً أو لم تكن حاملاً.. فختم المولى سبحانه وتعالى آيات الطّلاق بآية واحدة: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) إذاً فرض النّفقة لكلّ أنواع الطّلاق، من يتكلّمون عن حقوق المرأة نحن نستغرب من أنّهم لا يقرؤون كتاب الله سبحانه وتعالى أو أنّهم يأخذون تفسير القرآن الكريم من غير مصادره الحقيقة، وعلى غير ما أراده الله سبحانه وتعالى، هناك تراكم موروث ممّا لصق بالمرأة من هضم للحقوق، لا يتعلّق بالشّريعة الإسلاميّة، وإنّما بأعراف وعادات لمجتمعات مرّت بعد المرحلة الذّهبيّة الّتي فهم فيها صحابة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن القرآن وعن سيّدنا رسول الله حقوق المرأة، فهُضمت هذه الحقوق ولم تُهضم من قبل ربّ النّاس، وإنّما من قبل النّاس، ولا بدّ من تصحيح هذه الأفكار في المجتمع.

الآية رقم (220) - فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

(فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ): تبدأ الآية بجار ومجرور في الدّنيا والآخرة، أين متعلّق الجار والمجرور؟ بعد ذلك (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ), القرآن الكريم مبنيّ على الوصل وليس مبنيّاً على القطع، ومعنى مبنيّ على الوصل أنّ كلّ آيات القرآن الكريم موصولة، لذلك لا تجد بأنّ هناك سكوناً عند نهاية الآية أبداً، وإنّما نهاية الآية مثلاً: (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ) [البقرة: من الآية 220-221]، ليس (عزيزٌ حكيمْ) فأنتَ بالوقف تقول: (حكيمْ) ولكن إن نظرت إلى حركات الإعراب في القرآن الكريم فأنت تجد: (حَكِيمٌ) مبنيّ على الوصل، فإذاً في الدّنيا والآخرة لها متعلّق، ومتعلّق الجار والمجرور هو كلّ الأحكام الّتي مرّت معنا سابقاً، منذ بدأنا آيات الصّوم، بيّنت الآيات أحكام الصّوم، بيّنت الآيات أحكام الدّعاء، بيّنت الآيات بعد ذلك أحكام الحجّ، بيّنت بعد ذلك الأحكام المتعلّقة بالقتال، بيّنت بعد ذلك الأحكام المتعلّقة بالأسرة، بيّنت بعد ذلك أحكام متعلّقة بالنّفاق السّلوكيّ، بيّنت بعد ذلك أحكام الإنفاق، بيّنت بعد ذلك أحكام الإصلاح والإفساد في المجتمع، كلّ هذا هو متعلّق الجار والمجرور، ونهاية الآية الّتي سبقت (فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) تقول: (كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ)، إذاً آيات الله وفوز الإنسان يكون في الدّنيا والآخرة وليس فقط في الآخرة

الآية رقم (252) - تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ

(تِلْكَ): اسم إشارة للبعيد.

إذاً كلّ القصص الّتي سبقت قصّة الّذين خرجوا وهم ألوف حذر الموت وقصّة داود وقصة طالوت وقصّة جالوت و.. (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ) تلا يعني يتلو كلمة بعد كلمة، هذه هي التّلاوة عندما تتلو القرآن الكريم الكلمة بعد الكلمة، (نَتْلُوهَا عَلَيْكَ)كلمة بعد كلمة كلمة التّلاوة، لم يقل: (قصص الله نتلوها عليك بالحقّ) بل قال: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ)؛ لأنّ كلمات القرآن هي آيات؛ لأنّ الآية تعريفها في اللّغة العربيّة هي المعجزة، وفي كلّ كلمة في القرآن الكريم معجزة، إذاً أنت لا تقرأ القصص القرآنيّ كقصّة، وإنّما تقرأ القصص القرآنيّ كآية، وهذا هو الفارق بين القصص البشريّ والقصص القرآنيّ، الفارق القصص البشريّ هو قصّة لها عناصر أحداث أشخاص تاريخ زمان، أمّا القصة القرآنيّة فهي آية، فهي معجزة، القرآن الكريم معجز بكلماته، معجز ببيانه، معجز بحروفه، معجز بكلّ شيء.

(نَتْلُوهَا عَلَيْكَ): لمن الحديث والخطاب؟ لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، يقول الله عزَّ وجلّ له: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ)، الحقّ هو الشّيء الثّابت الّذي لا يعتريه النّقص، ولا يعتريه التّحريف، ولا يعتريه التّغيير، لذلك قال سبحانه وتعالى: (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) [الإسراء: من الآية 105].

(وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ): الله يخاطب النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعندما يتحدّث معه عن الآيات المعجزات الدّالات البيّنات والتّابوت الّذي جاء يمشي هكذا وفيه عصا موسى وكلّ هذه المعجزات الّتي تمّت قال له: (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)، أي ما كنّا لنتلوها عليك يا محمّد إلّا لأنّك من المرسلين صاحب رسالة وأيّ رسالة؟ هي الرّسالة الخاتمة والجامعة للبشريّة؛ لأنّ كلّ الرّسالات نزلت على أقوام ونزلت لأزمان، إلّا رسالتك يا محمّد فهي لكلّ الأقوام ولكلّ الأزمان ولكلّ النّاس، لذلك هي رحمة: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء].

الآية رقم (231) - وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

(فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ): إذا طلقتم النّساء فبلغن أجلهنّ: أي انقضت عدّتهنّ، أو اقتربت العدّة فبقي يومان أو ثلاثة لتنتهي، فإمّا أن تقرّر أن تعيد الزّوجة، وإذا انقضت العدّة فتعمل عقداً ومهراً جديدين، وإمّا أن يكون الأمر انتهى، لكن كيف؟ بالمعروف، وبآيات أخرى بإحسان، مرّة بإحسان ومرّة بالمعروف، دائماً كلّ عناصر الخير في الإسلام.

(وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا): هناك مَن يستخدم حقّ عدم تطليق الزّوجة أو مُراجعتها من أجل الاعتداء على حقوقها، أو من أجل إعنات الزّوجة، ومن أجل مكارهتها، فنبّه الإسلام أنّ العدّة تكون في بيت الزّوجيّة: (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا) لا أحد يظلم ربّه، وإنّما يظلم نفسه؛ لأنّه عندما يظلم زوجته فهو يظلم نفسه؛ لأنّ هذه الزّوجة أصبحت مظلومة ودعوتها عند ذلك ليس بينها وبين الله حجاب، فإذاً هو ظَلَم نفسه.

(وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا): آيات الله: أوامره، لماذا سمّيت آيات؟ ولماذا سمّي القرآن الكريم آيات؟ الآية هي المعجزة، وآيات القرآن الكريم سمّيت آيات؛ لأنّ كلام الله سبحانه وتعالى معجز، فإذاً عندما يقول: (وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا) أي أوامر الله أي ما جاء من كلام الله سبحانه وتعالى لا تتّخذوه هزواً، وكيف يتّخذها الإنسان هزواً؟ عندما لا يأخذ الأوامر الّتي أمر الله سبحانه وتعالى عن قناعة وعن إرادة بأنّها جاءت من إله حكيم، عندما يهزأ كما يفعل بعضهم الآن ويحاول أن يختبئ وراء إصبعه ويهزأ من تشريعات الإسلام الّتي تُشرّف بني الإنسان.

الآية رقم (242) - كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ

ونبيّن للنّاس الذين يعتقدون بأنّ الإسلام هو وراء كلّ هضم لحقوق المرأة في المجتمعات الإنسانيّة.

إذاً كذلك كلّ ما مرّ سابقاً من آيات تتعلّق بأحكام الأسرة والزّواج والطّلاق (كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ) إشارة لما ورد سابقاً من أحكام (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)؛ لأنّ ديننا دين العقل، وليس دين القتل، هذا ما يجب أن يفهمه النّاس جميعاً، (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ): إذا حاكمنا الأمر عقليّاً نجد بأنّ مصلحة الإنسان تكون بشرع الله سبحانه وتعالى، إذا فكّرت بعقلك وهو مناط التّكليف، بالعقل وليس بالسّيف وليس بالقتل، إذاً مناط التّطبيق هو محاكاة العقل والحوار والحكمة.

الآية رقم (221) - وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ

أوّلاً بناء الأسرة، بناء المجتمع، لا يمكن أن تُبنى الأسر والبيوت على تضاد في العقائد، وتضاد في الأهواء بين الرّجل والمرأة، لا بدّ أن يكون هناك انسجام حتّى تكون الأسرة مستقرّة تبدأ من هنا، من قوله سبحانه وتعالى: (وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ)؛ لأنّ من تصارع التّضاد ومن تصارع الأهواء تختلّ موازين الأسرة، فنهى هنا عن الزّواج من المشركات حتّى يؤمنّ، وبيّن أنّ الأَمَةَ المؤمنة بربّها أفضل من الحرّة المشركة، حيث كان هناك في المجتمع الرّقّ والعبيد، والآن انتهى هذا العهد، فعندما تقرأ آية فيها تعبير عن الرّق أو تعبير عن العبيد أو عن أَمَة فهذا التّعبير يتعلّق بحكم لحالة كانت موجودة ذكرناها سابقاً: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) [البقرة: من الآية 219]، هل تحتجّ بآية (وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ)؟ حتّى تقول: إنّني أشرب الخمر مثلاً، طبعاً لا، وإنّما تمتثل أمر الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة]، أنت يجب أن تأخذ القرآن جملة واحدة، لا يجوز أن تأخذ منه ما تشاء، وأن تأخذ حكماً جزئيّاً يتعلّق بمرحلة معيّنة، وتنسى مجمل التّشريع وأهدافه ومقاصده وما أقرّه النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم لذلك هنا عندما تجد مُصطلَح أَمَة؛ فلأنّه كان يوجد في ذلك المجتمع عبيد.

الآية رقم (232) - وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ

(فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ): العضل: المنع، أي لا تمنعوهنّ، وهذا ما يحصل أحياناً ما بين أسرة الزّوج وأسرة الزّوجة بعد الطّلاق، وحديثنا الآن عن الطّلاق مرّتان، ليس عن الطلاق ثلاثة، لنفترض أنّهما يريدان أن يتراجعا إلى بعضهما، بالطّريقة الرّجعيّة ضمن العدّة، أو بعد أن تنقضي العدّة بمهر وعقد جديد، أو نتيجة طلقتين فإذاً هنا يقول الله سبحانه وتعالى لهم: لا تمنعوهما من أن يعودا إلى بعضهما؛ لأنّهما قد يرغبان بذلك، وقد يقف أهله أو أهلها دون عودتهما لبعضهما بزيادة البعد والخلاف والشّجار.

(إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ): الله سبحانه وتعالى يقول: (ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)

يأتي بعنصرين من عناصر الإيمان، ومعظم الآيات يقترن فيها الإيمان بالله بالإيمان باليوم الآخر، الإيمان بالله هو القمّة، الإيمان باليوم الآخر هو أن تستشعر الحساب؛ لأنّ الإنسان من دون أن يشعر أنّ هناك حساباً وعقاباً لا يرتدع عن ظلمه، بعض النّاس يصوّر الدّين على أنّه رحمة مطلقة للمؤمن والكافر والطّائع والعاصي، وأنّه لا يوجد جنّة أو نار، أو كلّ النّاس ستدخل الجنّة ولا يوجد عذاب!! هذا كلام لا يستند إلى دليل، ومخالف لصريح القرآن الكريم، لماذا؟ لأنّ الله سبحانه وتعالى دائماً عندما يرّغب يرهّب: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ) [الحجر]، إذاً دائماً يقول: الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر، كما في هذه الآية الكريمة: (ذَٰلِكَم يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [الطّلاق: من الآية 2]؛ لأنّه في اليوم الآخر تكشف الصّحائف ويحاسب الإنسان، ومصير المحسن إلى الجنّة ومصير المسيء إلى النّار، فإذاً يجب دائماً أن تضع هذا المعيار نصب عينيك.

الآية رقم (243) - أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ

هنا انتقال بعد شقاق اختياريّ بالطّلاق، أو افتراق قدريّ بالوفاة، أتى القرآن الكريم على أهمّ وأخطر قضيّة قدريّة تتعلّق بالإنسان وهي الموت، ليعطي الطّبيعة الإيمانيّة لمن يتمسّك بهذا الدّين.

(أَلَمْ تَرَ): الحديث لسيّدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ومن يجري الأقدار لا يتركها بلا أحكام، والله سبحانه وتعالى هو الّذي يجري الأقدار فيضع الأحكام، ولا بدّ منّ أن يبيّن عندما وضع الأحكام طبيعة هذه الأقدار، فأوّل شيء على الإطلاق هو موضوع الموت، (أَلَمْ تَرَ): هو لم ير قطعاً، فلماذا لم يقل: ألم تسمع؟ لأنّ وسيلة العلم هي السّماع عندما تعلم بشيء خبريّ تاريخيّ.

هذه القضيّة هي قضيّة لشعب من بني إسرائيل: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ): قضيّة لم يرها النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، كما لم ير أصحاب الفيل، عندما كان في بطن أمّه آمنة فقال له الله سبحانه وتعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) [الفيل]، هو لم ير بل سمع بما حدث، لكن أنت تعرف الأحداث بماذا؟ أنت تتعامل بالحواسّ، فعندما تسمع فأنت تسمع بالحاسّة لكن عندما ترى فالرّؤية أصدق من السّمع، أصدق شيء هو الرّؤية، عندما يكون الله الّذي يتحدّث فهو أصدق القائلين، فالخبر الّذي يأتيك بالرؤية أقوى، الأمر الّذي ترى ليس كالّذي تسمع، قال عليه الصّلاة والسّلام: «ليس الخبر كالمعاينة»([1])، حاسّة الرّؤية تُصدّق أكثر؛ لأنّك ترى، وإذا كان الّذي أخبر هو الله، وهو الّذي خلق الحواسّ، وهو أصدق من الحواسّ، فإذا قال لك شيئاً كان أصدق من أن ترى بعينك، لذلك يقول: (أَلَمْ تَرَ) فكأنّك رأيت، أنت سمعت، لكنّك كأنّك رأيت؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى هو الّذي أخبر، وهو الّذي خلق الحواسّ، فهو أصدق من الحواسّ.

الآية رقم (222) - وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ

(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى): الجواب: أطلق كلمة أذى، والسّؤال عن المحيض؛ لأنّ اليهود والمشركين في الجاهليّة كانوا يمتهنون المرأة ولا يرون لها رأياً ولا حقّاً، بينما الإسلام كرّم الإنسان وكرّم المرأة، وهنا يتبيّن من الآيات (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) هل يجوز أن يقترب الرّجل من زوجته أثناء فترة المحيض؟ ما هو الحكم في المحيض؟ كان اليهود يمنعون المرأة أن تأكل معهم بنفس الطّبق إذا كانت بفترة الحيض، ويعتبرونها وكأنّها نجسة في فترة الحيض، فيُبعدونها عن كلّ شيء، وكان غيرهم لا يعتبرون الحيض مانعاً ويُباشرون الجماع مع زوجاتهم أثناء الحيض وبعده، فكان هذا السّؤال، وهنا يتبيّن من الجواب قيمة وعظمة هذا الدّين، وكيف رفع المرأة مكاناً عظيماً في جواب القرآن عن سؤال النّاس عن موضوع الحيض، (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى) أوّلاً هو أذى بغضّ النّظر ما هو المحيض أو الحيض أو دم الحيض؟ دم الحيض هذا يتجمّع في جدار رحم المرأة تهيئة للحمل، فإذا حملت المرأة انقطع عنها الحيض؛ لأنّ هذا الدّم الّذي يخرج إنّما هو معدّ لغذاء الطّفل، فإن لم يحصل الحمل يخرج ويكون هذا الدّم فاسداً قد خرج عن صلاحيّته، فإذاً هو أذى للمرأة وأذى للرّجل، فأوّلاً بيّن الحكم بأنّ المحيض هو أذى.

الآية رقم (233) - وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

هذه الآية تتحدّث عن موضوع الرّضاعة، وهو جلّ وعلا لم يترك باباً من الأبواب للحفاظ على الأسرة وعلى الطّفل وعلى الوالد وعلى الأمّ إلّا بيّنه، فبعد أن تحدّث عن حالات الطّلاق بيّن بعدها أحكام الرّضاع، طالما شُرع الطّلاق لحالات معيّنة، فإذاً يجب أن يضع تشريعاً يبيّن فيه هذه الأحكام حتّى لا تهضم حقوق الرّضيع والطّفل أيضاً، قال سبحانه وتعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ) حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرضاعة، فإذاً هو حرّ وهي حرّة لكن أعطى المدّة القصوى.

(وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ): تنطبق على المولود له وهو الأب، لكن لاحظوا هذا الإعجاز، وهذه الدّقة في كتاب الله سبحانه وتعالى، عندما يقع الطّلاق إن كان يوجد رضيع يبقى مع الأمّ لإتمام رضاعه، فأراد الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أن يجعل في أذن الزّوج المطلّق الّذي كره الزّوجة بأنّ هذا الولد هو مولود له، هذا المولود لك يعني عليك نفقته وكسوته والعطف والحنان عليه، فإذاً هي ناحية هامّة لتذكير الأب بحقوق الرّضيع وحقوق المرضعة الأمّ، وإن كنتَ قد طلّقتَ.