فبعدما تحدّث المولى عزَّ وجلعمّا يتعلّق بالمرأة واليُتْمِ والميراثِ، وعن أحكام الزّواج وما يتعلّق به بالنّسبة للمحرّمات من النّساء، يبيّن سبحانه وتعالى لنا بأنّه يريد أن يتوبَ علينا إذا أخطأنا، ويخفّف عنّا. لذلك نجد سيّدنا عبد الله بن عبّاس رضي الله عنه قال عن سورة (النّساء) فيها ثمان آياتٍ هي خيرٌ لأمّة محمّدٍ ممّا طلعت عليه الشّمس وغَرَبت، الأولى: ﴿يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾، والثّانية: ﴿وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا﴾، والثّالثة: ﴿يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾، والرّابعة: ﴿إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا﴾، والخامسة: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾، والسّادسة: ﴿وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾، والسّابعة: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾، والثّامنة: ﴿مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾، هذه الآيات الثّمانية في سورة (النّساء) هي خيرٌ لهذه الأمّة ممّا طلعت عليه الشّمس، فكلّ هذه الآياتِ عطاءٌ ورحمةٌ ومغفرةٌ وعدلٌ وتخفيفٌ ويسرٌ، لذلك قلنا: إنّ سورة (النّساء) وكلّ آيات القرآن الكريم هي أعظم عطاءٍ للبشريّة من لدُن ربّ العالمين.
«يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ» مثل «يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ»
وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً: فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعله ضعيفا حال والجملة مستأنفة أو تعليلية.
أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ: يسهل عليكم أحكام الشرع.
وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً: عاجزاً عن مخالفة نفسه وهواه.