من عظمة هذا الدّين قوله سبحانه وتعالى: ﴿يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: من الآية 185]، وهذه الكلمة توجّه لكلّ المتشدّدين والمتطرّفين والّذين يغالون في الدّين، فالدّين دين يسرٍ، والنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم ما خُيّر بين أمرين إلّا اختار أيسرهما، فما بالنا نشدّد على النّاس؟ ما بالنا نضيّق على النّاس؟ والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ﴾ هناك تخفيفٌ للإنسان في كلّ أمرٍ من الأمور، وفي التّكاليف الدّينيّة والشّرعيّة، فمثلاً في فرض الصّيام قال: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾، وبعدها مباشرةً قال: ﴿وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: من الآية 185]، يريد الله سبحانه وتعالى أن يخفِّف عنكم، ولكن قد تقول: إنّك لا تتعب بالسّفر، لكنّه سبحانه وتعالى يريد أن يخفِّف عنكم، لماذا؟ لأنّه عزَّ وجليعلم أنّ طبيعة الإنسان فيها ضعفٌ، من أين أتى الضّعف؟ من حريّة الاختيار. فالإنسان يضعف أمام الشّهوة، ويضعف أمام المغريات، ويضعف أمام المال.. وليعالج الله سبحانه وتعالى هذا الضّعف فهو يخفّف عنّه، ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ [البقرة: من الآية 286] فتصوّروا هذه الآيات الثّلاث المتتالية:
1- الآية الّتي مرّت بنا: ﴿يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
2- والآية الّتي بعدها: ﴿وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا﴾.
3- ﴿يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾.