الآية رقم (269) - يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ

لماذا خلق الله سبحانه وتعالى هذا الإنسان محتاجاً وهذا غير محتاج؟ هي سنّة الله في الاختلاف في الكون والابتلاء، لكن أيضاً هناك حكمة لا نراها، هذه الحكمة أن لو كان كلّ النّاس أغنياء، والإنسان ابن أغيار، فإنّ الإنسان الّذي يعطي اليوم عندما يعطي قد يصبح مُعطى له في الغد، فإذاً الله سبحانه وتعالى يطلب منك ويطلب لك بنفس الوقت، حتّى تستشعر دائماً بأنّك في عالم أغيار، وإلّا لو كلّ النّاس في حالة الغنى والأموال لطغى النّاس وتجبّروا ولما شعر أحد أنّه بحاجة لأحد، إذاً هو يطلب منك ليعطيك، هل تضمن أنّ الغنيّ سيبقى غنيّاً؟ هل تضمن أنّ القويّ سيبقى قويّاً؟ (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس) [آل عمران: من الآية 140]، فإذاً هناك حكم لا نعرفها، الله سبحانه وتعالى جعلها مكتنزة في خلقه، فالله سبحانه وتعالى استدعاك واستدعا الفقير للوجود، طالما أنّه استدعى النّاس إذاً هو تكفّل بكلّ خلقه، قال لهذا: سأعطيك، وقال للآخر: أعط هذا؛ لذلك جاء الحضّ على الإنفاق والتّنبيه على أنّك تتعامل مع الله، روى البيهقيّ: قال عبد الملك بن قريب الأصمعيّ: أقبلت ذات يوم من مسجد الجامع بالبصرة، وبينما أنا في بعض سككها، إذ أقبل أعرابيّ جلف جافّ على قعودٍ([1]) له متقلِّداً سيفه وبيده قوس، فدنا وسلّم وقال: ممّن الرّجل؟ فقلت: من بني الأصمع، فقال لي: أنت الأصمعيّ؟ قلت: نعم، قال: من أين أقبلت؟ قلت: من موضعٍ يتلى كلام الرّحمن فيه، قال: أو للرّحمن كلام يتلوه الآدميّون؟ فقلت: نعم يا أعرابيّ، فقال: اتل عليّ شيئاً منه، فقلت: انزل من قعودك، فنزل وابتدأت بسورة (الذّاريات) حتّى

يُؤْتِي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة والفاعل هو

الْحِكْمَةَ: مفعول به أول

مَنْ: اسم موصول مفعول به ثان

جملة «يَشاءُ» صلة

وَمَنْ: الواو استئنافية من اسم شرط جازم مبتدأ

يُؤْتَ: فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بحذف حرف العلة وهو فعل الشرط ونائب الفاعل هو

الْحِكْمَةَ: مفعول به ثان ونائب الفاعل هو الأول

جملة «وَمَنْ … » استئنافية

فَقَدْ: الفاء رابطة لجواب الشرط

قد: حرف تحقيق

أُوتِيَ: فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل هو

خَيْراً: مفعول به ثان

كَثِيراً: صفة

جملة «قد أُوتِيَ … » في محل جزم جواب الشرط

وَما: الواو عاطفة

ما: نافية

يَذَّكَّرُ: فعل مضارع

إِلَّا: أداة حصر

أُولُوا: فاعل مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم

الْأَلْبابِ: مضاف إليه والجملة معطوفة.

يُؤْتِي الْحِكْمَةَ: العلم النافع المؤدي إلى العمل، المؤثر في النفس

واختلف العلماء في الحكمة:

فقال السدي: هي النبوة.

وقال ابن عباس: هي المعرفة بالقرآن فقهه ونسخه ومحكمه ومتشابهه وغريبه ومقدّمه ومؤخره (أي العلم بأصول الفقه) .

وقال قتادة ومجاهد: الحكمة: هي الفقه في القرآن.

وقال مجاهد: الإصابة في القول والفعل.

وقال ابن زيد: الحكمة: العقل في الدّين.

وقال مالك بن أنس: الحكمة: التفكر في أمر الله والاتّباع له، أو هي طاعة الله والفقه في الدين والعمل به.

وكل هذه الأقوال تشترك في أنَّ الحكمة: هي الفهم الصحيح والعلم النافع واتباع المعلوم المؤدي إلى سعادة الدنيا والآخرة .