الآية رقم (14) - يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلًا

﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ﴾: تتزلزل وتهتزّ وتضطرب وتتزعزع، مثلها قوله جلّ وعلا: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ [النّازعات]، وذلك يوم القيامة، لذلك قال تعالى: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ﴾، وذلك للنّفخة الأولى في الصّور، أمّا الثّانية فهي الّتي قال عنها الحقّ تعالى: ﴿تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ [النّازعات]، ورجف الشّيء رجفاً ورجفاناً كما يرجف الشّجر إذا أرجفته الرّيح، فحتّى الأرض الّتي تعيشون عليها ستتزلزل زلزالاً شديداً، وقد قال تعالى: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ [الزّلزلة]، ويقول تعالى: ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ [الحجّ: من الآية 1]، والزّلزلة هي الحركة الشّديدة الّتي تزيل الأشياء عن أماكنها، واستخدم الحقّ تعالى أيضاً لفظ (الرّجّ)، فقال تعالى: ﴿إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا﴾  [الواقعة]، والزّلزال أو الرّجفة أو الرّجّة يوم القيامة ليس زلزالاً كالّذي نراه من هزّات أرضيّة تهدم بعض البيوت، أو حتّى تبتلع بعض القرى، فهذه مجرّد صورة مصغّرة لما سيحدث في الآخرة، وتنبّهنا إلى الزّلزال الكبير في الآخرة، حتّى لا يغترّ الإنسان، فهذا زلزال مخصوص منسوب إلى الأرض بوحيٍ من الله عز وجل، وبأمرٍ منه عز وجل أنْ تتزلزل، لذلك وُصِف زلزال يوم القيامة بأنّه شيءٌ عظيم: ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ [الحجّ: من الآية 1]، رجفة عظيمة ليست بمقاييسنا، بل بمقياس الحقّ تعالى، والأرض تتزلزل وترجف بما عليها من جبال مع أنّ الجبال خلقها الله تعالى رواسي للأرض لكي لا تضطرب ولا تختل، يقول تعالى: ﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ [النّحل: من الآية 15]، ولكن في يوم القيامة الأمر مختلف، فالجبال الّتي هي رواسي للأرض، ستُنسَف، حينها يضطرب نظام الأرض وتتزلزل وتميد وتتحرّك ويضطرب كلّ شيءٍ فيها.

﴿وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا﴾: أي: تُصبح الجبال رملاً سائلاً، مجرّد رمال متحرّكة، بعد أنْ كانت صخوراً صلبة تستعصي على النّحت فيها أو التّقطيع إلّا بوسائل خاصّة، الآن أصبحت مجرّد كثبان رمليّة مهيلة؛ أي: إذا حُرِّك تبع بعضه بعضاً، وقد قال تعالى في آيةٍ أخرى أنّها ستصبح: ﴿هَبَاءً مُنْبَثًّا﴾[الواقعة: من الآية 6]، وتصبح: ﴿كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾ [القارعة: من الآية 5]؛ أي: الصّوف المندوف، فالجبال تُنسَف فتصبح رمالاً متحرّكة وتصبح كالصّوف المندوف.

«يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ» ظرف زمان ومضارع وفاعله

«وَالْجِبالُ» معطوف على الأرض والجملة في محل جر بالإضافة

«وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً» كان واسمها وخبرها

و «مَهِيلًا» صفة كثيبا والجملة معطوفة على ما قبلها.