الآية رقم (189) - يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

فالشّمس ضياء؛ لأنّ نورها ذاتيّ، والقمر مُضاء بانعكاس ضوء الشّمس عليه فهو نور، إذاً ما نراه هلالاً له علاقة بالشّمس وليس بالقمر. وفي ذلك الوقت لو أراد النّبيّ : أن يبيّن للنّاس ما هي حقيقة ظهور الهلال صغيراً ثمّ يكبر ثمّ يكبر لطاشت عقولهم ولما استوعبت بأنّ الأرض كرويّة تدور، وأنّ ضوء القمر نور ينعكس من أشعة الشّمس وضيائها، فالقرآن الكريم يعطي إجابات أوّلاً تحيل النّاس إلى الوظيفة الإيمانّية الّتي يريدها الله سبحانه وتعالى من البشر؛ لأنّ القرآن الكريم كتاب هداية وليس كتاب فيزياء وفضاء، لكن لا يمكن أن تأتي فيه آية أو كلمة تناقض العلم مهما تطوّر، وفي أيّ وقت من الأوقات عبر الأزمان ولو بعد آلاف الأعوام، ولكنّ الحقائق العلميّة جاءت مكتنزة في كتاب الله سبحانه وتعالى، لذلك يُعطي الجواب الّذي يُفيد النّاس، فماذا أجاب المولى سبحانه وتعالى على هذا السّؤال؟

(قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ): التّوقيت، أنت توقّت الشّهر بالقمر، أمّا اليوم فبالشّمس، إذاً يتعلّق بالزّمن.

الأهلّة وظهور الهلال بهذا الشّكل هي توقيت للنّاس، والموضوع يتعلّق بالأهلّة، والعبادات مرتبطة زمنيّاً بالهلال.

هناك حقائق علميّة كثيرة أشار إليها القرآن الكريم، مجرّد أنّه حدّد بأنّها مواقيت للنّاس والحجّ أيضاً، (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ)  [البقرة: من الآية 197]، مجرّد ارتباط هذا الأمر أو هذه العبادة بالهلال، كما في الصّيام: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)  [البقرة: من الآية 185].

يَسْئَلُونَكَ: فعل مضارع والواو فاعل والكاف مفعول به.

عَنِ الْأَهِلَّةِ: جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما والجملة مستأنفة.

قُلْ: فعل أمر والفاعل أنت والجملة مستأنفة.

هِيَ: مبتدأ.

مَواقِيتُ: خبره والجملة مقول القول.

لِلنَّاسِ: متعلقان بمحذوف صفة لمواقيت.

وَالْحَجِّ: معطوف على الناس وجملة

قُلْ: مستأنفة.

وَلَيْسَ: الواو استئنافية ليس فعل ماض ناقص.

الْبِرُّ: اسمها.

بِأَنْ: الباء حرف جر زائد أن حرف مصدري ونصب.

تَأْتُوا: فعل مضارع منصوب بحذف النون والواو فاعل وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل نصب خبر ليس.

الْبُيُوتَ: مفعول به.

مِنْ ظُهُورِها: متعلقان بالفعل قبلهما.

وَلكِنَّ: الواو عاطفة لكن حرف مشبه بالفعل.

الْبِرَّ: اسمها.

مِنْ: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر لكن.

اتَّقى:  فعل ماض والفاعل هو والجملة صلة الموصول.

وَأْتُوا: الواو عاطفة أتوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والجملة معطوفة.

الْبُيُوتَ: مفعول به.

مِنْ أَبْوابِها: جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما.

وَاتَّقُوا اللَّهَ: فعل أمر وفاعل ولفظ الجلالة مفعول به والجملة معطوفة.

لَعَلَّكُمْ: لعل واسمها.

تُفْلِحُونَ: فعل مضارع وفاعل والجملة خبر، والجملة الاسمية حالية.

الْأَهِلَّةِ: جمع هلال، وهو القمر، لم يبدو دقيقاً في ليلتين أو ثلاث من أول كل شهر، ثم يزيد حتى يمتلئ نوراً، ثم يعود كما بدأ، ولا يكون على حالة واحدة كالشمس.

مَواقِيتُ: جمع ميقات، وهو ما يعرف به الوقت أي الزمن المقدر المعين.

فبالأهلة يعرف الناس أوقات زرعهم ومتاجرهم وعدد نسائهم وصيامهم وإفطارهم، وأوقات صلواتهم، وزمان الحج، فيعلم بالأهلة وقته أيضًا، وهو من عطف الخاص على العام.

وإنَّما سمي هلالاً، لظهوره بعد خفائه، ومنه الإهلال بالحج، لظهور الصوت بالتلبية، أو لأنَّ الناس عند ظهور الهلال يرفعون أصواتهم بذكره عند رؤيته.

ويسمى هلالاً لليلتين أو لثلاث من الشهر، ثم يسمى قمرًا.

وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها: في الإحرام، بأن تنقبوا فيها نقباً تدخلون منه وتخرجون، وتتركوا باب البيت، وكانوا يفعلون ذلك، ويزعمونه برًّا. وَلكِنَّ الْبِرَّ ذا البر.

مَنِ اتَّقى: الله بترك مخالفته

والبر: التقوى.

وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها: في الإحرام كغيره.

تُفْلِحُونَ: تفوزون.