سبب النّزول:
عن محمّدٍ بن كعب القرظيّ قال: جاء ناسٌ من اليهود إلى النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالوا: “إنّ موسى جاءنا بالألواح من عند الله، فأتنا بالألواح حتّى نصدِّقك”، فأنزل الله سبحانه وتعالى: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ﴾ إلى قوله سبحانه وتعالى: ﴿بُهْتَانًا عَظِيمًا﴾، أي أنّهم يريدون أن ينزّل الله سبحانه وتعالى عليهم أمراً ويطلب منهم سبحانه وتعالى مباشرةً أن يؤمنوا بمحمّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، هذا معنى قوله سبحانه وتعالى: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاءِ﴾.
القرآن الكريم هو كتابٌ من السّماء، نزل على النّبيّ محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم، أمّا هم فيريدون كتاباً خاصّاً بهم، والله سبحانه وتعالى يستهزئ بهم فقال للنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ﴿فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِن ذَٰلِكَ﴾، فإن كانوا يُطالبونك يا محمّد بأمرٍ مباشرٍ من الله سبحانه وتعالى لهم، فهم قالوا لموسى عليه السَّلام: أرنا الله جهرة، وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام]؛ لأنّ الإدراك هو إحاطةٌ ولا يمكن لأحدٍ أن يحيط بقدرة الله سبحانه وتعالى وبصفاته.