الآية رقم (7) - يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ

وقد توهّم كثيرٌ من الباحثين أنّ ماء الرّجل كماء المرأة، والحقيقة أنّ ماء المرأة لا دخل له في التّكوين الإنسانيّ؛ لأنّ التّكوين الإنسانيّ يأتي من الحيوان المنويّ للرّجل وبويضة المرأة، إذاً الماء الدّافق خاصٌّ بالرّجل، أمّا ماء المرأة فهو في البويضة، ومن هنا ظنّ بعض المستشرقين والباحثين بأنّ هناك تعارضاً بين القرآن الكريم والحديث النّبويّ الشّريف، لكن هيهات لهم أن يجدوا تعارضاً بين نصوص القرآن الكريم ونصوص السّنّة الصّحيحة، هم وقفوا على حديث النّبي صلَّى الله عليه وسلَّم: «فإذا سبق ماء الرّجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرّجل نزعت الولد»([1])، فالنّظرة السّطحيّة لهذا الحديث ولقوله سبحانه وتعالى: ﴿خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ توحي بوجود تعارضٍ، وأنّ الّذي جاء في الحديث النّبويّ المذكور لا يتّفق مع العلم الحديث الّذي أثبت أنّ البويضة لا دخل لها في تحديد جنس المولود، وإنّما ماء الرّجل هو الّذي يتحكّم في هذه المسألة، لكنّ المدقّق في الحديث النّبويّ يجد كلمة: «فإذا سبق» وفيها مفتاح الرّدّ على هذه الشّبهة، فالسّبق والسّباق يدلّ على أنّ الـمُتسابقَين ينطلقان من نقطةٍ واحدةٍ، وفي اتّجاهٍ واحدٍ، وهذا يعني أنّ ماء الذّكر وماء الأنثى ينطلقان من مصدرٍ واحدٍ هو الرّجل، وإلّا لو كانا متقابلين لما قلنا: (سبق)، فالحيوان المنويّ من الرّجل هو الّذي يحمل صفة الذّكورة أو الأنوثة، والبويضة مستقبلٌ فقط، فعلينا إذاً أن نستقرئ ألفاظ الحديث الشّريف، وأن نفطن إلى هذه الشّبهات، لنستطيع الرّدّ عليها.

 


([1]) صحيح البخاريّ: كتاب فضائل الصّحابة، باب كيف آخى النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بين أصحابه، الحديث رقم (3723).

يَخْرُجُ: مضارع فاعله مستتر والجملة صفة ثانية لماء

مِنْ بَيْنِ: متعلقان بالفعل

الصُّلْبِ: مضاف إليه

وَالتَّرائِبِ: معطوف عليه.

﴿الصُّلْبِ﴾: أي عظام ظهر الرّجل.

﴿وَالتَّرَائِبِ﴾: عظام صدر المرأة، وموضع القلادة منها.