الآية رقم (17) - يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ

﴿يَتَجَرَّعُهُ﴾: أي يأخذ هذا الماء جرعةً جرعةً من شدّة مرارته، والإنسان لا يأخذ الشّيء جرعةً جرعةً إلّا إذا كان لا يقدر على الاستمرار في الجرعة الواحدة دفعةً واحدةً.

﴿وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ﴾: هذا المشروب من الصّديد لا يكاد يستسيغه من يتجرّعه.

استساغ الشّيء: أي ابتلعه بسهولةٍ؛ أي لا يكاد يبتلعه بسهولةٍ، فطعمه وشكله غير مقبوليَن.

﴿وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ﴾: أي ينظر حوله فيجد الموت يحيط به من كلّ اتّجاهٍ، لكنّه لا يموت.

﴿وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾: ويُفاجَأ بأنّ العذاب يحيط به من كلّ جانب، وإذا قسنا العذاب الغليظ بأهون عذاب يلقاه الإنسان من النّار لوجدنا أنّه عذابٌ فوق الاحتمال، فها هو ﷺ يقول: «إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً يَوْمَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ، تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ، يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ»([1])، من الجمرة يغلي دماغه، فما باله بالعذاب الغليظ؟!

([1]) صحيح البخاريّ: كتاب الرّقاق، باب صفة الجنّة والنّار، الحديث رقم (6561).

«يَتَجَرَّعُهُ» مضارع فاعله محذوف والهاء مفعوله والجملة مستأنفة أو صفة لماء

«وَلا يَكادُ» الواو عاطفة ولا نافية ويكاد مضارع ناقص اسمه محذوف والجملة معطوفة

«يُسِيغُهُ» مضارع فاعله مستتر والهاء مفعوله والجملة خبر

«وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ» مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل ومفعوله المقدم وفاعله المؤخر والجملة معطوفة

«مِنْ كُلِّ» متعلقان بيأتيه

«مَكانٍ» مضاف إليه

«وَما هُوَ بِمَيِّتٍ» الواو حالية وما تعمل عمل ليس وهو في محل رفع اسمها والباء زائدة وميت خبر مجرور لفظا منصوب محلا والجملة حالية

«وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ» الواو عاطفة ومبتدأ مؤخر ومتعلقان بخبر مقدم والجملة معطوفة

«غَلِيظٌ» صفة عذاب

يُسِيغُهُ: يجيزه