﴿يَتَجَرَّعُهُ﴾: أي يأخذ هذا الماء جرعةً جرعةً من شدّة مرارته، والإنسان لا يأخذ الشّيء جرعةً جرعةً إلّا إذا كان لا يقدر على الاستمرار في الجرعة الواحدة دفعةً واحدةً.
﴿وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ﴾: هذا المشروب من الصّديد لا يكاد يستسيغه من يتجرّعه.
استساغ الشّيء: أي ابتلعه بسهولةٍ؛ أي لا يكاد يبتلعه بسهولةٍ، فطعمه وشكله غير مقبوليَن.
﴿وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ﴾: أي ينظر حوله فيجد الموت يحيط به من كلّ اتّجاهٍ، لكنّه لا يموت.
﴿وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾: ويُفاجَأ بأنّ العذاب يحيط به من كلّ جانب، وإذا قسنا العذاب الغليظ بأهون عذاب يلقاه الإنسان من النّار لوجدنا أنّه عذابٌ فوق الاحتمال، فها هو ﷺ يقول: «إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً يَوْمَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ، تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ، يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ»([1])، من الجمرة يغلي دماغه، فما باله بالعذاب الغليظ؟!
([1]) صحيح البخاريّ: كتاب الرّقاق، باب صفة الجنّة والنّار، الحديث رقم (6561).