الآية رقم (1) - يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ

يُخاطب الحقّ تعالى رسوله هنا بـ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾، وفي السّورة الّتي قبلها خاطبه بوصفه المزّمّل، فقال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ [المزّمّل]، وقد حدّث النّبيّ ﷺ عن فترة الوحي، فقال: «فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتاً مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا الـمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ رُعْباً، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ إِلَى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾»([1])، وأصل ﴿الْمُدَّثِّرُ﴾ المتدثّر بثيابه إذا نام، فأُدغِمَت التّاء في الدّال وشُدِّدَت، والدّثار الثّوب الّذي يتدثّر به الإنسان عند نومه، وهذا على أنّ التّدثّر هنا على ظاهره، وأنّه متغطٍّ فعلاً بدثاره وغطائه، ولكنّ الآية تحتمل تأويلاً آخر، أنّه ليس المراد من المدّثّر المتدثّر بالثّياب، بل هو دثارٌ معنويّ، وهو هنا التّدثّر بدثار النّبوّة والرّسالة، فيا أيّها المتدثّر بأثواب العلم العظيم، والخُلُق الكريم، والرّحمة الكاملة:

([1]) صحيح البخاريّ: كِتَابُ تَفْسِيرِ القُرْآنِ، بَابُ ﲣ ﲤﲥ، الحديث رقم (4925).