(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ): ما علاقة الإنفاق الآن بقوله: تلك الرّسل فضّلنا بعضهم على بعض وبالاختلاف؟ هي وحدة التّكاليف الإيمانيّة، والإنفاق ممّا رزقك الله ليس فقط هو إنفاق بالمال؛ لأنّ الرّزق ليس بالمال فقط، فالعلم رزق، والسّلطة رزق، والجاه رزق، فأنت تُنفق ممّا أعطاك الله، كما قال ابن عطاء الله السّكندريّ: (إذا أراد أن يُظهر فضله عليك، خلق ونسب إليك)، أنت تعتقد أنّ المال هو مالك، ولكنّه مال الله؛ لأنّه من رزقه وعطائه، وتحقيق التّوازن في الكون الّذي يحدث بين الحقّ والباطل لا يتمّ حتّى ينفق الّذي أعطاه الله على الّذي لم يعطه الله سبحانه وتعالى؛ لذلك قال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ) ، وقال: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) [البقرة: من الآية 245]، قلنا: إنّك تتعامل مع الله عزّ وجلّ، وإنّك عندما تعطي الفقير والمسكين والبائس واليتيم وذوي الحاجات ومن هم أقلّ منك فكأنّك تقرض الله؛ لأنّه هو الّذي استدعاك واستدعاه للوجود، وخزائن الله لا تنفد، والله سبحانه وتعالى أراد أن يبتليك بما افترض عليك.
(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ): أي يوم القيامة، قبل أن يأتي هذا اليوم، هناك ثلاثة أمور أنتم تتمتّعون بها وهي: البيع والخلّة والشّفاعة.