الآية رقم (254) - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ): ما علاقة الإنفاق الآن بقوله: تلك الرّسل فضّلنا بعضهم على بعض وبالاختلاف؟ هي وحدة التّكاليف الإيمانيّة، والإنفاق ممّا رزقك الله ليس فقط هو إنفاق بالمال؛ لأنّ الرّزق ليس بالمال فقط، فالعلم رزق، والسّلطة رزق، والجاه رزق، فأنت تُنفق ممّا أعطاك الله، كما قال ابن عطاء الله السّكندريّ: (إذا أراد أن يُظهر فضله عليك، خلق ونسب إليك)، أنت تعتقد أنّ المال هو مالك، ولكنّه مال الله؛ لأنّه من رزقه وعطائه، وتحقيق التّوازن في الكون الّذي يحدث بين الحقّ والباطل لا يتمّ حتّى ينفق الّذي أعطاه الله على الّذي لم يعطه الله سبحانه وتعالى؛ لذلك قال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ) ، وقال: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) [البقرة: من الآية 245]، قلنا: إنّك تتعامل مع الله عزّ وجلّ، وإنّك عندما تعطي الفقير والمسكين والبائس واليتيم وذوي الحاجات ومن هم أقلّ منك فكأنّك تقرض الله؛ لأنّه هو الّذي استدعاك واستدعاه للوجود، وخزائن الله لا تنفد، والله سبحانه وتعالى أراد أن يبتليك بما افترض عليك.

 (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ): أي يوم القيامة، قبل أن يأتي هذا اليوم، هناك ثلاثة أمور أنتم تتمتّعون بها وهي: البيع والخلّة والشّفاعة.

يا أَيُّهَا: يا حرف نداء أي منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب والهاء للتنبيه

الَّذِينَ: اسم موصول بدل من أيها

آمَنُوا: فعل ماض وفاعل والجملة صلة الموصول

أَنْفِقُوا: فعل أمر وفاعل

مِمَّا: متعلقان بأنفقوا

رَزَقْناكُمْ: فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة صلة الموصول وجملة أنفقوا استئنافية

مِنْ قَبْلِ: متعلقان بأنفقوا

أَنْ يَأْتِيَ: المصدر المؤول في محل جر بالإضافة

يَوْمٌ: فاعل

لا بَيْعٌ: لا نافية للجنس تنصب الاسم وترفع الخبر ولم تعمل هنا لأنها كررت وبيع مبتدأ «فِيهِ» متعلقان بمحذوف خبر

وَلا خُلَّةٌ: عطف على لا بيع

وَلا شَفاعَةٌ: عطف على ما قبله

وَالْكافِرُونَ: الواو للاستئناف الكافرون مبتدأ

هُمُ: مبتدأ ثان

الظَّالِمُونَ: خبر المبتدأ الثاني والجملة الاسمية خبر المبتدأ الأول.

يَوْمٌ: المراد به هنا يوم الحساب

لا بَيْعٌ فِيهِ: البيع في الأصل: الكسب بأي نوع من أنواع المبادلة أو المعاوضة، والمراد به هنا: لا فداء، فيتدارك المقصّر تقصيره.

وَلا خُلَّةٌ: أي ولا صداقة ولا مودة تنفع وَلا شَفاعَةٌ بغير إذنه يوم القيامة

وَالْكافِرُونَ: بالله أو بما فرض عليهم، والمراد به في رأي الحسن البصري: تاركو الزكاة، لأنَّ الأمر بالإنفاق هو الإنفاق الواجب

لاتصال الوعيد به وهو أنَّ تاركي الزكاة هم الظالمون، كما قال الزمخشري.

والظالمون: هم الذين جحدوا أمر الله أو أنفقوا المال في غير محله المشروع.