(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ): وكُتب فعل مبنيّ للمجهول، ليس كتب الله عليكم الصّيام، إنّما (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ) لماذا جاء الفعل مبنيّاً للمجهول؟ الجواب: أنّ هناك طرفين، هناك طرف هو الرّبّ الّذي تعاقد مع العبد بعقد الإيمان، وهناك العبد الّذي تعاقد مع الرّبّ عزَّ وجلّ فآمَنَ به، فخذ منه التّكليف دون النّظر إلى مشقّته، انظر إلى رفعة التّكليف وسموّه، إلى عطاء التّكليف، وليس إلى مشقّة التّكليف، فستعلم بعد قيامك بتنفيذ التّكليف ما هو العطاء لهذا التّكليف.
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ)؛ لأنّكم آمنتم، من لم يؤمن لم يُكتب عليه الصّيام، نحن لا نجبر النّاس على أمور الإيمان ومتطلّبات الإسلام، وإنّما من آمن فهو الّذي اختار؛ لأنّه آمن، إذاً (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ) أي فرض عليكم الصّيام، لكن النّبيّ في الحديث الّذي قدّمت به وأهّل به المجتمع بقدوم رمضان قال: “أيّها النّاس“، ولم يقل: يا أيّها الّذين آمنوا، لماذا؟ الفارق واضح، لاحظوا بقيّة الجملة النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “أيّها النّاس قد أظلّكم شهر“هذا الشّهر يظلّ المؤمن وغير المؤمن، لا يوجد في خطاب النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم تكليف، وإنّما إخبار، هو يخبر المجتمع بأنّ هذا الشّهر قد حلّ، قد أظلّ ببركته المؤمن وغير المؤمن؛ لأنّ بركة شهر رمضان وعطاءه وفيوضاته تكون على كلّ النّاس، على الفقير المؤمن وغير المؤمن، على المجتمع بمجمله، المجتمع يصبح وحدة متكاملة متعاضدة، يصوم المجتمع في وقت واحد، ويفطر على مأدبة الإفطار في وقت واحد، المجتمع في وقت واحد في صلاة التّراويح، المجتمع في وقت واحد ينفّذ الأوامر، المجتمع في وقت واحد ينتهي عن المنهيات