الآية رقم (183) - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

فرض الله تبارك وتعالى صيام شهر رمضان في شعبان من السّنة الثّانية للهجرة، فكيف هيّأ النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم المسلمين والمجتمع لاستقبال رمضان، ماذا فعل قبل رمضان؟ ماذا يجب علينا أن نعدّ لاستقبال هذا الضّيف الكريم؟ لله درّك يا رمضان، كم لك من أياد تسديها، كلّما آذنت شمسك بالشّروق، وحلّ طيفك في الدّيار، فعن سيّدنا سلمان الفارسيّ رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في آخر يومٍ من شعبان فقال: أيّها النّاس، قد أظلّكم شهر عظيم، شهر مبارك شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوّعاً، من تقرّب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدّى فريضة فيما سواه، ومن أدّى فيه فريضة كان  كمن أدّى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصّبر، والصّبر ثوابه الجنّة، وشهر المواساة، وشهر يُزاد فيه رزق المؤمن، من فطّر فيه صائماً كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النّار، وكان له مثل أجره، من غير أن ينتقص من أجره شيء، قلنا: يا رسول الله، ليس كلّنا يجد ما يفطّر الصّائم، قال: يُعطي الله هذا الثّواب من فطّر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة من ماء، ومن أشبع صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتّى يدخل الجنّة، وهو شهر أوّله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النّار، فاستكثروا فيه من أربع خصال، خصلتان ترضون بها ربّكم، وخصلتان لا غنى لكم عنهما، فأمّا الخصلتان اللّتان ترضون بهما ربّكم فشهادة أن لا إله إلّا الله وتستغفرونه، وأمّا اللّتان لا غنى لكم عنهما فتسألون الله الجنّة وتعوذون به من النّار([1]) بهذا الحديث الجامع الشّامل هيّأ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام المجتمع لاستقبال رمضان، ونحن نستقبل رمضان الكريم المبارك بهذه الآيات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)إذاً عندما يقول الله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فلنعلم أنّ هناك أمراً تكليفيّاً، أمّا بعد قوله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ)  فهو أمر إخباريّ.

كَما: الكاف حرف جر وما مصدرية.

كُتِبَ: فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل هو يعود إلى الصيام.

عَلَى الَّذِينَ: متعلقان بكتب.

مِنْ قَبْلِكُمْ: جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول.

لَعَلَّكُمْ: لعل واسمها.

تَتَّقُونَ: فعل مضارع والواو فاعل والجملة في محل رفع خبر لعل، والجملة الاسمية تعليلية.

كُتِبَ: فرض.

الصِّيامُ: في اللغة: الإمساك والكف عن الشيء والترك له، وفي الشرع: هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع من الفجر إلى غروب الشمس، بنيّة من أهله، احتسابا لوجه الله، وإعدادا للنفس لتقوى الله.

كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ: أي في الفرضية ووجوب الصوم، وقيل: مقداره، وقيل: كيفيته من الكف عن الأكل والشرب، والرأي الأول أرجح

كَما كُتِبَ: تشبيه يسمى «مرسلاً مجملًا» والتشبيه في الفرضية لا في الكيفية.