الآية رقم (34) - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ

الحديث هنا يتعلّق بأحبار اليهود الّذين كانوا في المدينة المنوّرة، فقد كانوا يأكلون أموال النّاس بالباطل؛ لأنّهم يريدون أن يأخذوا بالدّين ويشتروا الدّنيا فهم يبيعون ويغشّون النّاس ويحرّفون التّوراة ويناكدون النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ويتآمرون عليه وعلى المسلمين، فاليهود وأحبارهم المادّيّون الّذين يعبدون المال أخبر الله سبحانه وتعالى عنهم بأنّهم يأكلون أموال النّاس بالباطل، ولكن هل يوجد أكلٌ لأموال النّاس بالحقّ وأكلٌ بالباطل؟ الجواب: نعم يوجد أكلٌ بالحقّ، وهو تبادل المنافع كالتّجارة، أمّا الأكل بالباطل فهو الاحتيال على النّاس، وهو إمّا السّرقة أو الرّشوة أو الغشّ أو الاحتيال والكذب والدّجل، وقد كان أحبار اليهود يفعلون هذا كلّه.

(وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۗ): ليصدّوا عن انتشار الإسلام وعن دعوة نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فهم أوّل وألدّ الأعداء، وأخبر القرآن الكريم عنهم منذ ذلك الوقت، ومِصداق القرآن الكريم هو ما نراه حتّى هذا الوقت، فنحن نرى الأوصاف ذاتها والصّفات ذاتها والعداوات ذاتها الّتي قام بها اليهود في ذلك الزّمن وانتقلت معهم من خلال أحفادهم إلى هذا الزّمن، قال سبحانه وتعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ)  [المائدة: من الآية 82]، وقدّم اليهود على الأعداء كلّهم؛ لأنّهم رأس العداوة بالنّسبة للمسلمين، فالتّآمر كلّه الّذي يجري على سوريا الآن وعلى القدس والمسجد الأقصى وعلى الجولان وتغذية الإرهابيّين وتمويلهم وغير ذلك من الأمور لليهود الضّلع الأكبر فيه.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: سبق اعرابها

إِنَّ: حرف مشبه بالفعل

كَثِيراً: اسم إن.

مِنَ الْأَحْبارِ: متعلقان بكثيرا.

وَالرُّهْبانِ: عطف.

لَيَأْكُلُونَ: مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو فاعل، واللام هي المزحلقة.

أَمْوالَ: مفعول به.

النَّاسِ: مضاف إليه

بِالْباطِلِ: متعلقان بمحذوف حال والجملة في محل رفع خبر إن.

وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ: الجار والمجرور متعلقان بالفعل ولفظ الجلالة مضاف إليه والجملة معطوفة.

وَالَّذِينَ: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ والواو للاستئناف.

(يَكْنِزُونَ الذهب وَالْفِضَّةَ): صلة الموصول لا محل لها.

وَلا يُنْفِقُونَها: .. معطوفة.

فِي سَبِيلِ اللَّهِ: متعلقان بالفعل ولفظ الجلالة مضاف إليه

فَبَشِّرْهُمْ: فعل أمر والهاء مفعوله والفاء واقعة في جواب اسم الموصول لشبهه بالشرط

بِعَذابٍ: متعلقان بالفعل.

أَلِيمٍ: صفة. والجملة الفعلية خبر المبتدأ الذين.

الْأَحْبارِ: علماء اليهود.

وَالرُّهْبانِ: عبّاد النصارى، والقسيسون علماؤهم.

لَيَأْكُلُونَ: المراد التصرف فيها بكل أوجه الانتفاع، وعبر عن ذلك بالأكل، والمراد به الأخذ والانتفاع لأنه أهم حالات الانتفاع.

بِالْباطِلِ: بغير حق كالرشاوى في الحكم.

وَيَصُدُّونَ: يمنعون.

عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ: دينه وطريق معرفته الصحيحة وعبادته القويمة.

وَلا يُنْفِقُونَها: الكنوز، والكنز: خزن الأموال في الصناديق دون إعطاء حق الله فيها.

فِي سَبِيلِ اللَّهِ: أي لا يؤدون منها حق الزكاة.

فَبَشِّرْهُمْ: أخبرهم.

بِعَذابٍ أَلِيمٍ: مؤلم، وهو تهكم بهم لأن البشارة تكون في الخير لا في الشر.