الآية رقم (87) - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ

الحلال والحرام هما لله سبحانه وتعالى، وقد فوّض رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم أيضاً بهذا البيان، فصانع الصّنعة وخالقها -وهي الإنسان-، هو الّذي يحدّد مهمّة هذه الصّنعة، ويحدّد ما يحلّ لها وما يحرم عليها، وذلك صيانةً لها، ولله المثل الأعلى، نحن نضرب الأمثال تقريباً للأذهان لا للتّشبيه، فعندما يصنع الإنسان حاسوباً أو سيّارةً أو ثلاجةً… أو أيّ شيءٍ فإنّه يضع دليلاً يبيّن كيفيّة استخدام هذه الصّنعة، فلا يمكنك تشغيلها إلّا وفق ما كتب لك الصّانع حتّى تضمن حُسْن استخدامها، فالّذي صنعها أدرى بها وبما تحتاجه، فما بالك بالإنسان الّذي خلقه الله سبحانه وتعالى، وحدّد مهمّته في هذه الحياة، وما يصلح له وما يَحرُم عليه؟!، والسّؤال هنا: لماذا خلق الله سبحانه وتعالى الحرام؟ الحرام موجودٌ لمهمّةٍ أخرى، مثلاً وجود الخنزير ليس لنأكل منه، بل له وظيفةٌ أخرى تتعلّق بالتقاط الجراثيم والدّيدان… إلخ، فالله سبحانه وتعالى خلَق كلّ خلقٍ وجعل له مهمّةً، فلا تقل: لِـمَ خلق الحرام إن لم يردنِ أن أرتكب الحرام؟ الله سبحانه وتعالى خلق الحرام ليس ليكون بديلاً عن الحلال للإنسان، وإنّما له مهمّةٌ أخرى، والقاعدة الفقهيّة تقول: (الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نصٌّ قطعيٌّ للتّحريم)، فالحلال واسعٌ وكثيرٌ، والحرام ضيّقٌ وقليلٌ، فلا يجوز أن نحلّل ما حرّم الله سبحانه وتعالى، ولا أن نحرّم ما أحلّه عزَّ وجلّ، لذلك لا يمكن أن نقول مثلاً عن الرّبا: إنّه حلالٌ، والنّبي صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «الحلال بيّنٌ والحرام بيّنٌ، وبينهما مُشبَّهاتٌ لا يعلمها كثيرٌ من النّاس، فمن اتّقى المشبَّهات استبرأ لدينه وعِرضه، ومن وقع في الشُّبُهات: كراعٍ يرعى حول الحِمى، أوشك أن يُواقِعَه، ألا وإنّ لكلّ مَلِكٍ حِمىً، ألا إنّ حِمى الله في أرضه محارِمُه..»([1]).

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: سبق اعرابها

لا تُحَرِّمُوا: مضارع مجزوم بلا الناهية والواو فاعله

طَيِّباتِ: مفعوله والجملة مستأنفة.

ما: اسم موصول في محل جر بالإضافة

جملة «أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ» صلة الموصول لا محل لها أي ما أحله الله لكم

وَلا تَعْتَدُوا: مثل لا تحرموا والجملة معطوفة.

إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ: إن ولفظ الجلالة اسمها وجملة: لا يحب المعتدين خبرها وجملة: (إن الله) تعليلية لا محل لها.

لا تُحَرِّمُوا: لا تمنعوها أنفسكم كمنع التحريم

طَيِّباتِ: ما تستطيبه الأنفس، وهي ما لذّ وطاب من الحلال

وَلا تَعْتَدُوا: تتجاوزوا أمر الله ولا تتخطوا الحدود المقررة شرعاً، أو لا تسرفوا في تناول الطيبات، أو لا تعتدوا بتحريم الطيبات