الآية رقم (172) - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ

في هذه الآية الأمر تكليفيّ طالما قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ليس لك حريّة أن تقول: نعم، أو لا، لك حريّة قبل أن تدخل في الإسلام ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: من الآية 256]، إن كنت لا تريد أن تؤمن فلا تؤمن: ﴿فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: من الآية 29]، لكن إذا أنت آمنت ودخلت في عقد إيمانيّ مع الله، فأنت مجبر على متطلّبات الإيمان، أنا دخلت في عقد مع الله، وقلت: آمنت بك يا ربّ، فقال لي الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي: يا من آمنت بي افعل كذا، أمّا الّذي لم يؤمن بالله سبحانه وتعالى فلا يُقال له: افعل كذا، لا يقول الله عزَّ وجلّ: يا أيّها النّاس كتب عليكم الصّيام، وغير المؤمن لا يصوم، إذاً كلّما جاء أمر بعد ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فليُعلم أنّه أمر تكليفيّ لمن اختار الإيمان بالاختيار وليس بالإجبار، الآن يقول لي: طالما أنت مؤمن بي إذاً لا يجوز أن تأكل إلّا ما أحللت لك، وقد وردت آية سابقة تقول: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلًا طَيِّبًا﴾ [البقرة: من الآية 168]، قد تسأل ما الفرق بين هذه وتلك؟

يا أَيُّهَا الَّذِينَ: ينظر في إعرابها الآية «168» .

آمَنُوا: فعل ماض وفاعل والجملة صلة.

كُلُوا: فعل أمر والواو فاعل والجملة لا محل لها ابتدائية.

مِنْ طَيِّباتِ: متعلقان بمحذوف صفة للمفعول المحذوف.

ما رَزَقْناكُمْ: ما اسم موصول في محل جر بالإضافة.

رزقناكم: فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة صلة الموصول.

وَاشْكُرُوا: معطوف على كلوا.

لِلَّهِ: لفظ الجلالة مجرور باللام وهما متعلقان بالفعل قبلهما.

إِنْ كُنْتُمْ: إن حرف شرط جازم كنتم فعل ماض ناقص والتاء اسمها وهو فعل الشرط.

إِيَّاهُ: ضمير منفصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم.

تَعْبُدُونَ: فعل مضارع وفاعل والجملة خبر كنتم، وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله.

الأكل من الطيبات مع شكر النعمة موقف وسط يجمع بين متطلبات الجسد والروح معاً، فنأكل للحفاظ على الجسم بلا إسراف ولا تقتير