الأوامر الإلهيّة والتّكاليف الإيمانيّة تأتي بناءً على عقدٍ إيمانيّ، فالله سبحانه وتعالى عندما يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بعدها سيأتي تكليفٌ إيمانيٌّ؛ لأنّك طالما آمنت بأنّه الخالق الموجِد وأنّ الرّجوع إليه متمثّلٌ في جنّةٍ أو نارٍ فعليك أن تمتثل التّكاليف الإلهيّة، أما عند قوله سبحانه وتعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ فتكون قضايا عامّة لكلّ البشر.
الآية هنا وردت بصيغة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ﴾ فهناك أمران: أوّلهما أن نكون قوّامين لله سبحانه وتعالى، وثانيهما أن نكون شهداء بالقسط.
وقوّام: مبالغة اسم فاعل من قائم، وسنوضّح المعنى بالمثال الآتي: إذا قام أحدهم بصنع بابٍ خشبيٍّ فنقول عنه: ناجر، ولكن إذا استمرّ بالعمل نفسه نقول: نجّار، تماماً كقائم وقوّام، فعندما نقول: قائمٌ على أمرٍ، خلاف قوّام، أي أنّه يجب علينا باستمرار أن نكون قوّامين بأمر الله سبحانه وتعالى، أي متمثّلين لأوامره سبحانه وتعالى مؤكّدين على إتيانها. وقد ذكرنا عند قوله سبحانه وتعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ [النّساء: من الآية 34]، أي أنّ الرّجل قائمٌ على المرأة بكلّ أمورها، وفي خدمتها والإشراف على مال النّفقة، وهذه ليست درجة تفضيلٍ على المرأة بل تكليف.