الآية رقم (1) - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾:  قلنا: إنّ الله سبحانه وتعالى عندما يبدأ بالأمر التّكليفيّ يخاطب المؤمنين بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، وهنا يُخاطب المؤمنين بالاسم الموصول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ﴾، ولم يقل: (يا أيّها المؤمنون)، وهناك فارقٌ كبير، فلو قال: (يا أيّها المؤمنون)، فهذا يعني أنّ الإيمان قد تمّ وانتهى، أمّا عندما يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، فهذا يُعطي معنى أنّ الإيمان عملٌ مستمرٌّ، ولا يمكن أن ينتهي، فهو ليس أمراً عابراً، ولكنّه يتجدّد حتّى يُنَفَّذ المطلوب، قال سبحانه وتعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النّساء]، والنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «الإيمان بضعٌ وسبعون، أو بضعٌ وستّون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلّا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطّريق»([1])، فإماطة الأذى عن الطّريق من الإيمان، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا يؤمن أحدكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه»([2])، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «ما آمن بي من بات شبعانَ وجاره جائعٌ إلى جنبه وهو يعلم به»([3])، إذاً عناصر الإيمان هي عناصر فعل، فدائرة الإيمان ليست دائرة اعتقاديّة بلا عمل، بل لا بدّ للإيمان من عملٍ يصدِّقه، لذا فإنّ الإيمان ليس أمراً عابراً، ولكنّه يتجدّد حتّى تُنفَّذ كلّ التّكاليف الإلهيّة، لذلك يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [النّساء: من الآية 136]، أي استمرّوا في فعل الإيمان، وتحويل دائرة العقيدة من كلام إلى أفعال هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى، فالإيمان ما وقر في القلب وصدّقه العمل.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: أي منادى نكرة مقصودة مبنية على الضم واسم الموصول في محل رفع بدل

جملة «آمَنُوا» صلة الموصول

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ: الجار والمجرور متعلقان بفعل الأمر قبلهما والواو فاعله والجملة ابتدائية.

أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ: أحل فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور وبهيمة نائب فاعله الأنعام مضاف إليه والجملة مستأنفة

إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ: ما اسم موصول مبني على السكون في محل نصب على الاستثناء بإلا

جملة «يُتْلى عَلَيْكُمْ» صلة الموصول

غَيْرَ: حال منصوبة

مُحِلِّي: مضاف إليه مجرور بالياء

الصَّيْدِ: مضاف إليه

وَأَنْتُمْ حُرُمٌ: مبتدأ وخبر والجملة في محل نصب حال

«إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ» جملة «يَحْكُمُ» خبر إن وجملة «يُرِيدُ» صلة الموصول واسم الموصول في محل نصب مفعول به.

أَوْفُوا: أتموا الشيء وافياً كاملاً لا نقص فيه

بِالْعُقُودِ: أي العهود المؤكدة الموثقة التي بينكم وبين الله والناس، أي ما كانوا يتعاقدون عليه من الحلف وغيره. فهي تشمل عقود الشرع فيما أحل وحرّم وفرض، وعقود الناس بعضهم مع بعض في البيع والشراء والزواج وغير ذلك

بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ: البهيمة: هي ما لا عقل لها، وخصها العرف بذوات الأربع من حيوان البر والبحر.

والأنعام: هي الإبل والبقر والغنم، وما يلحق بها من الجاموس والمعز والظباء.

وأحلت لكم بهيمة الأنعام: أكلاً بعد الذبح

إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ: تحريمه في آية حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ.

وَأَنْتُمْ حُرُمٌ: محرمون بالحج أو العمرة.

والحرم: جمع حرام.شَعائِرَ جمع شعيرة، أي معالم دينه وخصت بمناسك الحج