الآية رقم (135) - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا

دين الإسلام دينٌ قائمٌ على العدلِ، والقيامُ بالعدل هو أساس الإيمان؛ لأنّه من العدل أن تؤمن بالله سبحانه وتعالى أوّلاً، وقد أمر سبحانه وتعالى بالعدل، يقول جلّ وعلا: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النّساء]، فكلّ خصومةٍ وكلّ ضياعِ حقوقٍ يجب أن يكون العدل هو السّائد فيها حتّى لا تضيع الحقوق، وحتّى يحصلَ كلُّ إنسانٍ على حقّه ويقومَ بواجبه على خيرٍ وأتمّ وجهٍ.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ﴾ يا من آمنتم بي، كونوا قوّامين بالقسط، ولم يقل: قائمين بالقسط، ما الفرق بين قوّام وقائم؟

قائمٌ بالقسط أي مرّةً واحدةً يقوم بالقسط أي بالعدل، أمّا القوّام فصيغة مبالغة؛ أي أنّ الإنسان المؤمن يجب أن يكون قائماً على العدل باستمرار، لذلك قال: قوّامٌ على العدل باستمرار، بكلّ شأنٍ من شؤونه، وفي كلّ أمرٍ من أموره.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: تقدم إعرابها

كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ: كان واسمها وخبرها الذي تعلق به الجار والمجرور بعده

شُهَداءَ لِلَّهِ: خبر ثان تعلق به الجار والمجرور بعده.

وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر كان المحذوفة مع اسمها والتقدير: ولو كانت الشهادة على أنفسكم، لو حرف شرط وجملة الشرط ابتدائية لا محل لها وجواب الشرط محذوف أي: ولو كانت الشهادة على أنفسكم فأدوها.

أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ: عطف على أنفسكم «إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا» فعل مضارع ناقص مجزوم لأنه فعل الشرط واسمها ضمير مستتر أي: المشهود عليه وغنيا خبرها «أَوْ فَقِيراً» عطف

فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما: لفظ الجلالة مبتدأ وأولى خبر تعلق به الجار والمجرور والجملة في محل جزم جواب الشرط

فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى: فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وفاعله ومفعوله والجملة جواب شرط مقدر بعد فاء الفصيحة.

أَنْ تَعْدِلُو: المصدر المؤول في محل جر بحرف الجر أي: للعدل أو لكراهية العدل إذا كانت بمعنى الميل

وَإِنْ تَلْوُوا: فعل الشرط والواو فاعله

أَوْ تُعْرِضُوا: عطف. وجواب الشرط محذوف تقديره: يجازيكم

جملة «فَإِنَّ اللَّهَ» تعليلية وجملة «كانَ بِما» خبر وجملة «تَعْمَلُونَ» صلة الموصول.

خَبِيراً: خبر كان.

قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ: صيغة مبالغة أي قائمين بالعدل على أتم وجه

شُهَداءَ لِلَّهِ: أي شاهدين بالحق لوجه الله وحده

وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ: ولو كانت الشهادة على أنفسكم، فاشهدوا بالحق عليها، بأن تقروا به ولا تكتموه

فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما: منكم وأعلم بمصالحهما

فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى: في شهادتكم بأن تحابوا الغني لرضاه، أو الفقير رحمة به.

أَنْ تَعْدِلُوا: أن لا تعدلوا أي تميلوا عن الحق

وَإِنْ تَلْوُوا: تحرفوا ألسنتكم بالشهادة. وفي قراءة بحذف الواو الأولى تخفيفًا

أَوْ تُعْرِضُوا: عن أدائها أي لا تؤدوها

فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً: فيجازيكم به.