﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾: لماذا يمثّل المال بالأكل؟ لأنّ الشّيء الّذي في فكر الإنسان هو الطّعام، وتحويل المال إلى طعامٍ كأنّك تأكل أكلاً، والمال إذا كان حلالاً ينبت منه اللّحم الحلال، وإن كان حراماً فكلّ ما نبت منه فالنّار أولى به.
﴿لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾: وهل يأكل الإنسان ماله بالباطل؟ نعم، النّفس البشريّة هي كنفسٍ واحدةٍ، والمؤمنون كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادّهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضواً تداعى له سائر جسده بالسّهر والحمّى»([1])، فمعنى أكلتَ مالك بالباطل؛ أي أنفقت مالك في الموبقات، وفي غير الإعمار والبناء والعطاء والخير والبركة، أو تاجرتَ بالممنوعات وبما يغضب الله سبحانه وتعالى ويسيء للآخرين، أو أنّك أخذت رشوةً، أو سرقت، أو…، وكذلك أيضاً تصحّ ﴿لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ أي لا يأكل أحدٌ مال أخيه؛ لأنّ مالك ومال أخيك كالمال الواحد، فأخوك في الوطن وفي الإنسانيّة وفي البشريّة، ولا يحقّ لك أن تأكل مال الغير بالباطل، والباطل هو أن تأخذ الشّيء بغير حقّه.