الآية رقم (130) - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

هذا موضع نتساءل فيه كعقل بشريّ محدود، فالآيات السّابقة كانت تتحدّث عن غزوة بدر الكبرى وغزوة أُحُد، فلماذا ننتقل إلى الحديث عن الرّبا؟ وسنجد المستشرقين والذين لا يعلمون الفرق بين كلام الله وكلام البشر يقولون: لماذا قطع القرآن الكريم الحديث عن الغزوة وأدخل موضوعاً آخراً؟ فلو كان القرآن الكريم من عند البشر لكان كلامهم صحيحاً مئة بالمئة، أمّا وأنّ القرآن الكريم هو كلام ربّ البشر إذاً هناك قصور في فهمنا لهذا المعنى الدّقيق العظيم، ففي غزوة أُحُد خالف الرّماة أمر النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وتركوا جبل أُحُد من أجل الغنائم، الّتي هي زيادة في المال، ولكن ما معنى الرّبا؟ الرّبا هو الطّمع في الزّيادة في المال، لو أنّ الله سبحانه وتعالى لم يُدخل آيات الرّبا في هذا الموضع لكان الحديث عن غزوتَي أُحُد وبدر هو حديث تأريخ لمعركة، والله لا يؤرّخ للأحداث، فالقصص القرآنيّ الموجود في كتاب الله ليس الهدف منه تأريخ الحدث أبداً، وإنّما المراد العبرة الباقية بعموم المعنى إلى يوم الدّين، فأنت كيف تعمّق هذا الحدث؟ الحدث له زمن لكن هذا الزّمن ينتهي بانتهاء الحدث، أمّا عمق هذا الأمر فيمتدّ عبر الزّمن، فعمق الحدث الّذي أدّى بالرّماة إلى المخالفة في موقعة أُحُد هو حبّ زيادة المال (الغنائم)، والرّبا طمع في زيادة المال، فمن قرأ القرآن بعمق لوجد أنّ عمق الحدث هو امتداد في موضوع الرّبا؛ لذلك قال سبحانه وتعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا﴾: استخدم كلمة (أكل) عند حديثه عن الرّبا، وكلّ ما يتعلّق بالمال يُستخدم له لفظة: (أكل):

1- لأنّ فيه شراهة.

2- وأيضاً لأنّ جزءاً كبيراً منه يتحوّل إلى طعام.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: تقدم إعرابها

لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا: لا الناهية تأكلوا فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وفاعله ومفعوله

أَضْعافاً: حال

مُضاعَفَةً: صفة والجملة ابتدائية

وَاتَّقُوا اللَّهَ: فعل أمر والواو فاعله ولفظ الجلالة مفعوله والجملة معطوفة على ما قبلها

لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ: لعل واسمها وجملة تفلحون خبرها وجملة لعلكم تعليلية.

أَضْعافاً مُضاعَفَةً: بأن تزيدوا في المال عند حلول الأجل وتؤخروا الطلب، وضعف الشيء: مثله، وهذه المضاعفة: إما في الزيادة فقط التي هي الربا، وإما بالنسبة إلى رأس المال كاستدانة مائة بثلاثمائة

وَاتَّقُوا اللَّهَ: بترك الربا بأن تجعلوا لأنفسكم وقاية من عذابه

تُفْلِحُونَ: تفوزون