الخطاب الآن للبشريّة جمعاء، الرّسالات السّماويّة السّابقة كانت تأتي لمناطق وأقوامٍ منفصلةٍ، حيث لا يوجد طرق اتّصالٍ ولا مواصلاتٍ، فلا يعلم قومٌ عن قومٍ شيئاً، ينزل نبيٌّ هنا ونبيٌّ هناك، والأدواء متعدِّدةٌ لذلك كان الرّسل عليهم السَّلام يأتون بعلاجاتٍ متعدّدةٍ للأقوام حتّى أنزل الله سبحانه وتعالى رسالة الإسلام على النّبيّ محمّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم للنّاس جميعاً؛ لأنّ البشريّة قد اكتمل رُشدها، وبدأت بالتّطوّر العلميّ، فأصبح العالم كلّه كبقعةٍ واحدةٍ، وطرق المواصلات مؤمّنةٌ بينه، فكان الخطاب موجّهاً للنّاس جميعاً، وكأنّ الإسلام سبق العالم.
﴿قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ﴾: البرهان هو الإعجاز الدّالّ على صدق المبلّغ عن الله سبحانه وتعالى، فكلّ نبيٍّ جاء معه إعجازٌ دالٌّ على صدق بلاغه عن الله سبحانه وتعالى ، مثال: نوح عليه السَّلام كانت السّفينة هي المعجزة الّتي أنجت من ركب فيها وغرق كلّ من لم يركب فيها، صالح عليه السَّلام كانت معجزته النّاقة، إبراهيم عليه السَّلام لم تحرقه النّيران عندما أُلقِي فيها؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى أفقدها خاصّيتها، موسى عليه السَّلام من معجزاته العصا حيث كان يضرب بها الحجر فينفجر، وضرب بها البحر فانفلق، ليست القضيّة قضيّة عصى وإنّما هي قضيّة معجزةٍ، وهذا معنى برهان