نحن لم نشهد ذلك، لكن عندما جاء العلم شهدنا نقض عمليّة الحياة بالموت، فعند موت الإنسان تكون النّهاية عكس البدايات، أوّلاً تخرج منه الرّوح ومن ثمّ يتصلّب جسمه ويصبح صلصالاً، وبعدها يصبح كالطّين ثمّ يتحلّل إلى التّراب، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ﴾ [طه]، أي خلقناكم من تراب الأرض، ويقول جلّ وعلا: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنبياء: من الآية 30]، ومع تقدّم العلم وجدوا أنّ ستّين بالمئة من جسم الإنسان ماء، فنسبة الماء في الدّم ثمانون بالمئة منه، وكذلك في العضلات، أمّا في العظام فنسبته عشرون بالمئة، وفي الدّماغ خمسٌ وثمانون بالمئة، وثبت علميّاً أيضاً أنّ مركّبات الأرض الّتي منها خُلقنا هي ذات مركّبات الإنسان؛ أوكسجين وكربون وهيدروجين وكلور وكبريت وكالسيوم وفوسفور وبوتاسيوم وصوديوم وحديد ويود ومنغنيز.. المهمّ بأنّ الله سبحانه وتعالى قال: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ [آل عمران]، هناك نفخٌ من روح الله سبحانه وتعالى وهناك كلمة ﴿كُن﴾، عندما جاء سيّدنا جبريل عليه السَّلام إلى السّيّدة مريم عليها السّلام قالت: ﴿قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا﴾ [مريم]، أمراً مقضيّاً بكلمة: ﴿كُن﴾.
﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ﴾: الكلمة التي أُلقيت هي: ﴿كُن﴾، فكان بقدرة الله سبحانه وتعالى، والرّوح هو النّفخ الّذي جاء به جبريل عليه السَّلام.