الآية رقم (8) - وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ

لكن هنا لنلحظ ملحظاً مهمّاً أنّ جزاء الكافرين جاء في البدء وبعد ذلك جاء بنعيم المؤمنين؛ لأنّ الأقرب والأنسب لحديث الغاشية أن يذكر الإنسان العذاب وبعد ذلك يأتي جزاء الإيمان، والآيات تصوّر لنا وجوه العصاة والكافرين وكيف كانت عاملةً ناصبةً في الدّنيا بحركةٍ آلت إلى البوار والخسران، وأنّها ستكون كذلك في الآخرة، خاشعةً ذليلةً عاملةً ناصبةً تجرّ السّلاسل والأغلال، وتسير في هوّات جهنّم ووديانها، فجمع عليها مشقّة التّعب وألم العذاب، واللّغة العربيّة لا يوجد فيها معانٍ أو كلماتٌ تعبّر عن شيءٍ غير معروفٍ، فالـمُخاطَب يُخاطَب على قدر ما يفهم من إدراكات النّعيم، وهو فوق ما نتصوّره؛ لأنّ ألفاظ اللّغة لا توضّح إلّا الشّيء الّذي له معنى أمامك، فإذا كانت الجنّة والنّار غيباً لا نعلم عنه شيئاً، فلا وجود للألفاظ الّتي تُعبّر عنها، لذلك قال صلَّى الله عليه وسلَّم عن الجنّة: «قال الله تعالى: أعددتُ لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ»([1])، لكن هذا تقريبٌ للإنسان، فالوجوه ناعمةٌ تعلوها نضرة النّعيم، ويكسوها البِشْرُ والسّرور والسّعادة، وهي صورةٌ تفوق الوصف، لكنّنا قد نرى شيئاً من هذا الوصف في الدّنيا في الوجوه المنعّمة النّضرة فنرى لها بريقاً وجاذبيّةً تنمّ عمّا في نفس صاحبها من الرّضا، وممّا يتمتّع به من الأمن والإيمان والطّمأنينة وهدوء البال.

﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ﴾: أي يوم القيامة.

﴿نَّاعِمَةٌ﴾: أي منعّمة.

 


(([1] صحيح البخاريّ: كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنّة وأنّها مخلوقة، الحديث رقم (3072).

وُجُوهٌ: مبتدأ

يَوْمَئِذٍ: ظرف زمان مضاف إلى مثله

نَّاعِمَةٌ: خبر المبتدأ والجملة مستأنفة.

﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ﴾: أي يوم القيامة.

﴿نَّاعِمَةٌ﴾: أي منعّمة.