﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ﴾ هذه الدّنيا الّتي يحرص عليها الإنسان، ويأخذ حظّه فيها، وقد ينسى الآخرة بسببها، إذا ما قامت القيامة، فإنّه يشعر كأنّه لم يلبث فيها إلّا ساعةً، والسّاعة الّتي يتحدّث عنها سبحانه وتعالى في هذه الآية هي جزءٌ من الوقت، فاليوم مقسّمٌ إلى أربعٍ وعشرين ساعةً، والتّوقيت ثابتٌ بمقدار السّاعة والدّقيقة والثّانية منذ آدم عليه السلام حتّى يوم القيامة، فهم يُفاجؤون أنّ دنياهم الطّويلة والعريضة كلّها مرّت وكأنّها ساعةٌ من هذه السّاعات، وهكذا يكتشفون قِصر ما عاشوا من وقتٍ، وبأنّهم لم ينتفعوا بهذه السّاعة الّتي مرّت، فهي مدّةٌ من الزّمن لا قيمة لها.
﴿يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ﴾: يوم الحشر ينقسم النّاس إلى قسمين، القسم الأوّل كانوا يتعارفون على البرّ، والقسم الثّاني كانوا يتعارفون على الإثم، فالّذين تعارفوا في الحياة الدّنيا على البرّ يفرحون ببعضهم بعضاً، وأمّا الّذين تعارفوا في الحياة الدّنيا على الإثم فهم يتنافرون بالعداء، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ {الزّخرف}.
﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ﴾: أي أنّ الله سبحانه وتعالى لم يكن في بالهم وفي حياتهم حين قامت السّاعة، فلم يكونوا يؤمنون بأنّ هناك لقاءً مع الله سبحانه وتعالى قال جل جلاله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ {النّور}.
﴿وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾: أي لم يسيروا على المنهج الّذي وضعه لهم خالقهم سبحانه وتعالى، والهداية: هي الطّريق الّذي إذا سار فيه الإنسان، فإنّه يؤدّي به إلى تحقيق المهمّة المطلوبة منه؛ لأنّ الحقّ سبحانه وتعالى جعل هذا الإنسان خليفةً في الأرض، فمن لا يؤمن بربّ المنهج، ولا يطبّق المنهج، فهو إلى الخسران المبين الواضح.