الآية رقم (19) - وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ

﴿وَيَا آدَمُ﴾: الخطاب الآن لآدم عليه السَّلام بعد أن كان الخطاب مع إبليس -لعنه الله-.

﴿اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾: آدم وحواء خُلقا للأرض، والتّصورات الّتي تأتي من كتب الإسرائيليّات أنّهما خُلقا ليعيشا في الجنّة غير صحيحةٍ، نحن نأخذ من كتاب الله سبحانه وتعالى ومن سنّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقط، ولا نعتمد على الإسرائيليّات أو القصص الخياليّة الّتي وردت حول قصّة آدم وحواء وأكل التّفاحة، وأنّ المعصية تتحمّل مسؤوليتها حوّاء، فهذا الكلام كلّه غير صحيحٍ، والصّحيح ما قاله الله سبحانه وتعالى: ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِين﴾

والجنّة لا يوجد فيها أوامر ولا نواهٍ، فهي ثوابٌ للإنسان على عمله، وجنّات الخلد الّتي وصفها الله سبحانه وتعالى لا يدخلها الإنسان إلّا بالخلود، ولكن كيف دخل إبليس إلى الجنّة؟ كما قلنا: بأنّ الله سبحانه وتعالى نصّ بشكلٍ صريحٍ على أنّ: ﴿إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾

[الكهف: من الآية 50]، وكيف خرج آدم وحواء من الجنّة؟ نبحث أوّلاً عن تفسير كلمة الجنّة في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾، عندما تطلق كلمة جنّةٍ نتصوّر جنّات الخلد الّتي أعدّها الله سبحانه وتعالى للمؤمنين وللطّائعين، الله سبحانه وتعالى سمّاها جنّةً، فأصبحنا عندما نقول: كلمة الجنّة، يذهب الذّهن إلى الجنّة الّتي هي جنّة الخلد في الآخرة، لكن إذا مرّت بنا قرينةٌ تدلّ على أنّ المقصود هو المعنى اللّغويّ، أي السّتر، فنقول: بأنّ هذه ليست جنّات الخلد، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا ۚ وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا﴾

وَيا آدَمُ: يا أداة نداء ومنادى مفرد علم مبني على الضم في محل نصب، والواو عاطفة

اسْكُنْ: فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت والجملة معطوفة على جملة اخرج..

أَنْتَ: توكيد للضمير المستتر في الفعل

وَزَوْجُكَ: اسم معطوف على أنت.

الْجَنَّةَ: مفعول به.

فَكُلا: فعل أمر مبني على حذف النون، وألف الاثنين فاعل والجملة معطوفة بالفاء.

مِنْ: حرف جر

حَيْثُ: ظرف مكان مبني على الضم في محل جر بمن، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما

شِئْتُما: فعل ماض مبني على السكون والتاء فاعل وما للتثنية، والجملة في محل جر بالإضافة.

وَلا تَقْرَبا: فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والألف فاعل

هذِهِ: اسم إشارة في محل نصب مفعول به.

الشَّجَرَةَ: بدل منصوب بالفتحة.

فَتَكُونا: فعل مضارع ناقص منصوب بأن المضمرة بعد فاء السببية وعلامة نصبه حذف النون وألف الإثنين اسمها. وأن المضمرة والفعل بعدها في تأويل مصدر معطوف على ما قبله والتقدير فلا يكن منكم قرب فظلم.

مِنَ الظَّالِمِينَ: متعلقان بمحذوف خبر.

اسْكُنْ أَنْتَ: تأكيد للضمير في اسْكُنْ ليعطف عليه

وَزَوْجُكَ: هي حواء

وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ: بالأكل منها، وهي الحنطة.