الآية رقم (132) - وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ

﴿وَوَصَّى بِهَا﴾: أي بكلمة الإسلام والخضوع لأوامر الله والالتزام بها، وبعبادة الله تعالى، والوصية هي آخر كلام للإنسان في الدّنيا قبل موته، فيخلص فيها لمن يحبّ، مثل أن يوصي الأب أولاده عند الوفاة وصيّة يقدّم فيها خلاصة تجربته في الحياة، وعند الوفاة لا يكون هناك غشّ بل يوصي الإنسان بما فيه النّصح والمنفعة لأولاده أو لمن يخلفه.

﴿بَنِيهِ: وبنو إبراهيم هم ابناه إسماعيل وإسحاق، وإسماعيل يكبر إسحاق بأربعة عشر عاماً، ومن إسحاق أتت ذريّة بني إسرائيل: و(يعقوب) هو ابن إسحاق، وأولاده هم الأسباط ومنهم يوسف، ومن ذريّتهم أنبياء بني إسرائيل موسى وهارون وزكريّا ويحيى وداود وسليمان وعيسى عليهم السَّلام. أمّا إسماعيل فقد جاء من ذريّته سيّدنا محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم ولم يكن من ذريّة إسماعيل من الأنبياء والرّسل غير محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم.

وقد أوصاهم سيّدنا إبراهيم عليه السَّلام بالإسلام، أي وصّى إسماعيل وإسحاق عليهما السّلام بعبادة الله جلّ وعلا والامتثال له أي بالاستسلام وبالانقياد لأوامر الله والخضوع له، أمّا حين يُطلَق الإسلام كشريعة فيقصد به دين الإسلام وشريعته كما جاء في القرآن الكريم وفي سنّة نبيّه محمّد عليه الصّلاة والسّلام، أمّا حين نتحدّث عن الإسلام بالإطلاق فهو الامتثال والخضوع لله تبارك وتعالى.

وسار يعقوب عليه السَّلام على نهج جدّه إبراهيم عليه السَّلام فوصّى بنيه، وهنا أطلق القرآن القول على لسان يعقوب عليه السَّلام وهو إسرائيل، وإسرائيل مؤلّف من (إسرا- ئيل) أي عبد الله المصطفى.

وقد أورد القرآن وصيّة يعقوب بالذّات؛ لأنّ المسلمين وغيرهم سيعانون أشدّ المعاناة فيما بعد من أحفاد يعقوب أي من شعب بني إسرائيل. والوصيّة هنا لأبناء يعقوب الأسباط وفيهم سيّدنا يوسف عليه السَّلام ﴿يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ﴾: أي اختار لكم الدّين والقيم الإلهيّة والمنهج السّماويّ وكلّ الأديان السّماويّة بشكل عامّ.

﴿فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ: ليس بيد الإنسان أن يختار متى يموت كي يموت مسلماً، فالموت والحياة ليسا بيد أحد من العباد، وما كان لأحد أن يعلم وقت موته، لكنّها إشارة إلى أنّ على الإنسان أن يبقى في كلّ أيّام عمره خاضعاً لأمر الله، ملتزماً بأوامره حتّى إذا فجأه الموت في أيّ وقت يموت على ملّة الإسلام

وعلى دين الإسلام وعلى عبادة الله سبحانه وتعالى.

وَوَصَّى: الواو عاطفة وصى فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر.

بِها: متعلقان بوصَّى.

إِبْراهِيمُ: فاعل.

بَنِيهِ: مفعول به منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والهاء في محل جر بالإضافة.

وَيَعْقُوبُ: معطوف على ابراهيم.

يا بَنِيَّ: يا أداة نداء، بني منادى مضاف منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت النون للإضافة والياء

في محل جر بالإضافة.

إِنَّ: حرف مشبه بالفعل.

اللَّهَ: لفظ الجلالة اسم إن.

اصْطَفى: فعل ماض والجملة خبر إن.

لَكُمُ: متعلقان باصطفى.

الدِّينَ: مفعول به.

(إِنَّ اللَّهَ … ): مقول القول المحذوف على لسان ابراهيم.

فَلا: الفاء الفصيحة لا ناهية جازمة.

تَمُوتُنَّ: فعل مضارع مجزوم بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو المحذوفة فاعل وأصلها تموتونن، ونون التوكيد الثقيلة لا

محل لها من الإعراب.

إِلَّا: أداة حصر.

وَأَنْتُمْ: الواو حالية أنتم ضمير منفصل مبتدأ.

مُسْلِمُونَ: خبر مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم، والجملة حالية.

(تموتنَّ): جواب شرط مقدر.

وَوَصَّى بِها التوصية: إرشاد غيرك إلى ما فيه خير وصلاح له من قول أو فعل في الدين أو الدنيا

فَلا تَمُوتُنَّ: نهي عن ترك الإسلام وأمر بالثبات عليه إلى الموت.