يقول سبحانه وتعالى: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) [الهمزة]، هناك لمزة وهمزة، وهما على وزن فُعلة تدلّ على كثرة فعل الشّيء، الهمزة: الّذي يعيب على النّاس بخفاءٍ، بإشارةٍ، أمّا اللّمزة فهو الّذي يعيب على النّاس بلسانه وبشكلٍ سليطٍ ومباشرٍ.
فهم يتحدّثون بشكلٍ علنيٍّ، ويهاجمون النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إمّا بتشريع الصّدقة، أو بتوزيع الصّدقة.
سبب النّزول: كان هناك رجلٌ اسمه حرقوص بن زهير ذو الخويصرة هو رأس الخوارج، عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يقسم قسماً أتاه ذو الخويصرة، وهو رجلٌ من بني تميم فقال: يا رسول الله، اعدل، فقال: «ويلك، ومن يعدل إذا لم أعدل؟ قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل». فقال عمر: يا رسول الله، ائذن لي فيه فأضرب عنقه، فقال: «دعه، فإنّ له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيءٌ، ثمّ ينظر إلى رصافه فما يوجد فيه شيءٌ، ثمّ ينظر إلى نضيه -وهو قدحه- فلا يوجد فيه شيءٌ، ثمّ ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيءٌ، قد سبق الفرث والدّم، آيتهم رجلٌ أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر، ويخرجون على حين فرقة من النّاس»([1])، وهؤلاء هم الخوارج، انظر كيف وصف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الخوارج في ذلك العصر، وحركة الخوارج ظهرت في أيّام خلافة سيّدنا الإمام عليّ كرّم الله وجهه، لكنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تنبّأ من هم الخوارج ووضع صفات تتعلّق بهم، منذ هذا الرّجل الّذي هو أساس الخوارج الّذي جاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وطلب منه أن يعدل، فهو يحاول أن يستدرك على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهذا الفكر المريض المنغلق بيّنه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال لسيّدنا عمر: «دعه، فإنّ له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّمية»، فهؤلاء هم الخوارج، وهم المتطرّفون.