الكلام على شعب بني إسرائيل الّذين مكروا بسيّدنا عيسى كما مكروا بسيّدنا محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم، ونجد التّرويج الصّهيونيّ اليهوديّ لمحاولة النّيل من تعاليم الإسلام، فهم يمثّلون أنفسهم أنّهم اضطهدوا في عهد النّبيّ، لكنّهم في الحقيقة جحدوا وكفروا بآيات الله، وتآمروا وخطّطوا لقتل النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهذا ما حدث أيضاً مع السّيّد المسيح عليه السلام، وهذا دليل على أنّ هذا الشّعب الّذي ادّعى بأنّه شعب الله المختار هو وباء وبلاء للبشريّة، (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ) [المائدة].
(وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ): المكر: هو تبييت بخفاء.
(وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ): لا يجوز أن نُطلق على الله عز وجل صفة المكر؛ لأنّ أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته توقيفيّة، أي أنّها جاءت كما أبلغها جبريل عليه السلام للنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، والمراد بقوله سبحانه وتعالى: (وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) أنّهم بيّتوا بالخفاء فردّ الله سبحانه وتعالى مكرهم بتبييتٍ يُبطل فعل هذا المكر، وهذا يسمّى في اللّغة مشاكلة لفظيّة. (خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) فالخير لا يكون مع المكر إلّا إذا كان من الله تعالى؛ لأنّه يبطل الشّرّ بالخير، وهذا هو معنى الآية.