الآية رقم (126) - وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ

وقال: يا نبيّ الله، كفاك مناشدتك ربّك فإنّه سينجز لك ما وعدك([1])، فالنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يدعو الله وهو متيقّن من الإجابة وهو متيقّن أيضاً من النّصر؛ لأنّه نزل عليه قبل غزوة بدر قوله سبحانه وتعالى: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [القمر]، سيقول قائل: طالما أنّه متيقّن، فلماذا يدعو كلّ اللّيل؟ إنّه يقدّم ثمن النّصر مسبقاً، فالدّعاء إمّا أن يكون لحاجة وإمّا أن يكون عبادة، بمجرد الدّعاء فإنّك تؤدّي ثمن النّصر فكان النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يريد أن يسدّد ثمن النّصر مقدّماً، إذاً إنزال الملائكة كان تطميناً للصّحابة أثناء القتال وليس لأنّهم هم الّذين يصنعون النّصر، فالنّصر من عند الله العزيز الحكيم كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ، لماذا لم يقل: المنتقم الجبّار؟ لماذا لم يقل: القويّ العليم؟ في القرآن الكريم كلّ كلمة جاذبة لمعناها، تأتي صفات الله سبحانه وتعالىموافقة للأحداث الّتي جرت بها الآية، فالله سبحانه وتعالىعزيز: أي لا يُغلب، وهو حكيم: يضع النّصر في الوقت الّذي يراه مناسباً.

 


(([1] صحيح مسلم: كتاب الجهاد والسّير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم، الحديث رقم (1763).

وَما جَعَلَهُ اللَّهُ: الواو استئنافية ما نافية وفعل ماض والهاء مفعوله ولفظ الجلالة فاعله

إِلَّا: أداة حصر

بُشْرى: مفعول به ثان أو مفعول لأجله

لَكُمْ: متعلقان ببشرى

وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ: الواو عاطفة واللام للتعليل تطمئن مضارع منصوب بأن المضمرة والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور معطوفان على بشرى قلوبكم فاعل

بِهِ: متعلقان بتطمئن

وَمَا النَّصْرُ: ما نافية النصر مبتدأ

إِلَّا: أداة حصر

مِنْ عِنْدِ: متعلقان بالخبر المحذوف

اللَّهُ: لفظ الجلالة مضاف إليه

الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ: صفتان لله والجملة مستأنفة.

وَما جَعَلَهُ اللَّهُ: أي الإمداد.

إِلَّا بُشْرى لَكُمْ: بالنصر.

وَلِتَطْمَئِنَّ: تسكن.

قُلُوبُكُمْ: بِهِ فلا تجزع من كثرة العدو وقلتهم، فإنَّ النصر من عند الله يؤتيه من يشاء، وليس بكثرة الجند.