وقال: يا نبيّ الله، كفاك مناشدتك ربّك فإنّه سينجز لك ما وعدك([1])، فالنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يدعو الله وهو متيقّن من الإجابة وهو متيقّن أيضاً من النّصر؛ لأنّه نزل عليه قبل غزوة بدر قوله سبحانه وتعالى: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ [القمر]، سيقول قائل: طالما أنّه متيقّن، فلماذا يدعو كلّ اللّيل؟ إنّه يقدّم ثمن النّصر مسبقاً، فالدّعاء إمّا أن يكون لحاجة وإمّا أن يكون عبادة، بمجرد الدّعاء فإنّك تؤدّي ثمن النّصر فكان النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يريد أن يسدّد ثمن النّصر مقدّماً، إذاً إنزال الملائكة كان تطميناً للصّحابة أثناء القتال وليس لأنّهم هم الّذين يصنعون النّصر، فالنّصر من عند الله العزيز الحكيم كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ ، لماذا لم يقل: المنتقم الجبّار؟ لماذا لم يقل: القويّ العليم؟ في القرآن الكريم كلّ كلمة جاذبة لمعناها، تأتي صفات الله سبحانه وتعالىموافقة للأحداث الّتي جرت بها الآية، فالله سبحانه وتعالىعزيز: أي لا يُغلب، وهو حكيم: يضع النّصر في الوقت الّذي يراه مناسباً.