الآية رقم (30) - وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا

﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾: إذا كان الله تعالى قد أثبت للإنسان مشيئة، فقال: ﴿فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾، فإنّه هنا أثبت أنّ مشيئة الله تعالى هي المهيمنة على مشيئة النّاس، فلو لم يشأ الله تعالى لم تكن مشيئتنا، فقال تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾، فلا أحد يستطيع أن يخرج عن مشيئة الله عز وجل أو إرادته، وكلّ شيء من فعله تعالى، فالله عز وجل هو الّذى خلق اختيار الإنسان لأمرٍ معيّن، فلا يحدث في كونه تعالى إلّا ما يريده، فاختيار الكافر للإيمان لم يكن غصباً عن الله عز وجل، بل بإرادته تعالى، فالإنسان خُلِقَ على هيئة القسر في أمور، وعلى هيئة الاختيار في أمور، فلا الفقير يستطيع أن يثرى من غير مشيئة الله عز وجل، ولا المريض يستطيع أن يشفى دون مشيئة الله تعالى، ولا الضّعيف يستطيع أن يقوى ضد إرادة الله عز وجل، لذلك قال الحقّ تعالى: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الكهف: الآية 23- ومن الآية 24]، فإيّاك أن تقول: إنّي سأفعل شيئاً إلّا أن تشتمله وتربطه بمشيئة الله عز وجل، فأنت لا تفعل شيئاً إلّا بإرادة الله تعالى، فلا تَعِدْ إلّا بالمشيئة.

﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾: فقد ثبت لله تعالى العلم والحكمة أزلاً، لذلك قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ﴾، فنحن نسمعها في إطار أنّ الله تعالى لا يتغيّر، وما دام ﴿كَانَ﴾ في الأزل ﴿عَلِيمًا حَكِيمًا﴾، فهو كذلك إلى الأبد، ونعلم أنّه إذا جاءت أيّ صفة من صفات الحقّ تعالى داخلة فى صورة كينونة؛ أي: مسبوقة بـ ﴿كَانَ﴾ ، فإيّاكم أن تأخذوا ﴿كَانَ﴾  على أنّها وصفٌ لِـمَا حدث في زمنٍ ماضٍ، ولكن لنقل: (كان وما زال)، لماذا؟ لأنّ الله تعالى كان أزلاً، فهو تعالى عليمٌ قبل أن يوجد معلومٌ، وهو عز وجل حكيمٌ قبل أن يوجد ما يحتاج إلى الحكمة، والحكيم لا بدّ أن يكون عليماً، وإلّا كيف يكون حكيماً في تدبير أمرٍ لا يعلم كنهه ولا ماهيّته.

ثمّ يُنهي الحقّ عز وجل السّورة بقوله تعالى:

«وَما» نافية

«تَشاؤُنَ» مضارع مرفوع والواو فاعل والجملة مستأنفة

«إِلَّا» حرف حصر

«أَنْ يَشاءَ اللَّهُ» مضارع منصوب بأن ولفظ الجلالة فاعل والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بالإضافة لظرف محذوف أي إلا وقت مشيئة الله

«إِنَّ اللَّهَ كانَ» إن واسمها وماض ناقص اسمه مستتر

«عَلِيماً حَكِيماً» خبران والجملة الفعلية خبر إن والجملة الاسمية تعليلية.