الآية رقم (270) - وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ

(فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ): يكفي تذييل هذه الآية بأنّ الله سبحانه وتعالى يعلم صدق نيّة الإنسان، وأنتم تعرفون جميعاً بأنّ نصف الدّين في حديث واحد في صحيح البخاريّ عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم: «إنّما الأعمال بالنّيات، وإنّما لكلّ امرىء ما نوى»([1])، فإذاً العمل يتعلّق بصفاء النّيّة؛ لذلك عندما تنفق وعندما تنذر فالله يعلمه، طالما دخل هذا العمل في صدق النّيّة فالله سبحانه وتعالى يجازي الإنسان على حسب نيّته، أمّا إذا دخل فيها الرّياء أو أيّ مصلحة دنيويّة فإنّ الله أغنى الشّركاء عن الشّرك، فلا تأخذ الأجر، فالأجر إنّما يكون ممّن عملت له.

(وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ): ما علاقة الظّالمين بالقضيّة؟ الظّلم أنواع وأشدّ أنواع الظّلم أن يقع ظلم من الإنسان على نفسه قبل أن يقع من غيره عليه، فالظّلم نوعان:

النّوع الأوّل: أنت تظلم نفسك، يظلم الإنسان نفسه عندما يقدّم شهوة عاجلة على نعيم دائم، ويقدّم رغبة الدّنيا على رحمة الآخرة، ويقدّم ما عند البشر على ما عند ربّ البشر، فإذاً هو هنا ظلم نفسه

النّوع الثّاني: ظلم الآخرين.

فقوله سبحانه وتعالى: (وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) أي لن يجد في الدّنيا ولا

في الآخرة من ينصره إذا كان عمل لوجه الإنسان وليس لوجه ربّ الإنسان.

 


([1]) صحيح البخاريّ: كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، الحديث رقم (1).

وَما أَنْفَقْتُمْ: الواو عاطفة

ما: اسم شرط جازم في محل نصب مفعول به

أَنْفَقْتُمْ: فعل ماض وفاعل

مِنْ نَفَقَةٍ: متعلقان بمحذوف حال

أَوْ: حرف عطف

نَذَرْتُمْ: فعل ماض وفاعل

مِنْ نَذْرٍ: متعلقان بنذرتم

فَإِنَّ: الفاء رابطة لجواب الشرط

إن اللَّهَ يَعْلَمُهُ: إن ولفظ الجلالة اسمها والجملة خبرها والجملة في محل جزم جواب الشرط

وَما: الواو استئنافية ما نافية

لِلظَّالِمِينَ: متعلقان بمحذوف خبر مقدم

مِنْ أَنْصارٍ: من حرف جر زائد أنصار مبتدأ مؤخر والجملة استئنافية.

وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ: أديتم من زكاة أو صدقة

أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ النذر: لغة: العزم على التزام شيء خاص

وشرعًا: التزام طاعة تقربًا إلى الله تعالى