الآية رقم (94) - وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ

كان الحديث في آياتٍ سابقةٍ من سورة (الأعراف) عن المواقف بالنّسبة للجنّة والنّار، وبالنّسبة للّذين تساوت حسناتهم وسيّئاتهم، وبما جرى في جنّة التّجربة، والتّدريب العمليّ الّذي كان بعد هبوط آدم وحوّاء إلى الأرض، وبعد مرور فترةٍ من الزّمن بدأ النّاس يعبدون الأصنام والأوثان، وبدأت الانحرافات البشريّة، وبدأت مواكب الرّسل عليهم السلام، إذاً التّطبيق العمليّ يأتي من خلال القصص القرآنيّ فيما يتعلّق بالأنبياء 4، وقد ورد معنا أنّ الله سبحانه وتعالى تحدّث عن نوحٍ وهودٍ وصالحٍ ولوطٍ وشعيب عليهم السلام، خمسة أنبياء بمقاطع معيّنةٍ لم تُذكَر فيها القصّة كلّها، فالقصّة الكاملة موزّعةٌ على القرآن الكريم كاملاً، وهذه عظمة كتاب الله سبحانه وتعالى، فالقصّة القرآنيّة ليست كما يعتقد الإنسان بعناصرها وأحداثها وشخصيّاتها.. وإنّما بعظاتها وعبرتها، وهي في خدمة الوظيفة الإيمانيّة، لذلك تأتي مقطّعةً، فإذا أردت أن تعرف كلّ ما يتعلّق بنوح عليه السَّلام  فعليك أن تقرأ القرآن كاملاً، وبعدها تستخرج الآيات المتعلّقة به عليه السَّلام  وتجمعها لتحصل على ما تريد.

وَما أَرْسَلْنا: الواو استئنافية ما نافية أرسلنا فعل ماض مبني على السكون، متعلق به الجار والمجرور «فِي قَرْيَةٍ» و (نا) فاعله

مِنْ نَبِيٍّ: من حرف جر زائد

نَبِيٍّ: اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه مفعول به. «

إِلَّا: أداة حصر.

أَخَذْنا: فعل ماض وفاعله.

أَهْلَها: مفعوله.

بِالْبَأْساءِ: متعلقان بالفعل.

وَالضَّرَّاءِ: عطف. والجملة في محل نصب حال على تقدير قد قبلها وما أرسلنا…. إلا حال كوننا قد أخذنا.

لَعَلَّهُمْ: لعل والهاء اسمها

جملة «يَضَّرَّعُونَ» خبرها وجملة لعلهم تعليلية لا محل لها.

قَرْيَةٍ: مدينة جامعة تجمع الزعماء كالعاصمة، وإنما ذكر القرية لأنها مجتمع القوم الذين يبعث الرسل إليهم، ويدخل تحت هذا اللفظ المدينة لأنها مجتمع الأقوام من نبي أي فكذبوه

أَخَذْنا: عاقبنا أَهْلَها

بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ: البأساء: الشدة والمشقة كالحرب والجدب وشدة الفقر، والضراء: ما يضر الإنسان في نفسه أو معيشته كالمرض، وقيل: في كل بالعكس.

لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ: يتذللون فيؤمنوا. وقوله لعلهم لا يمكن حمله على الشك في حق الله تعالى، فيحمل على أن المراد أنه تعالى فعل هذا الفعل لكي يتضرعوا. والتضرع: إظهار الضراعة أي الضعف والخضوع.